فكان يقول له : نعم أفعل ما تقول. ثمّ يبلغه أنّه قد عاد إلى ما نهاه عنه!
وخرج المستورد بجمعه من السّراة إلى بهرسير وأراد أن يعبر جسر دجلة إلى مدينة (طيسفون) القديمة فقطع والي المدائن الجسر عليهم فأقاموا في بهرسير يومين أو ثلاثة حتّى تبيّن لهم مسير معقل إليهم ، فمضوا على شاطئ دجلة حتّى انتهوا إلى جرجرايا فعبروا دجلة ، فمضوا في أرض جوخي حتّى بلغوا المذار من البصرة ، فبلغ خبرهم عبد الله بن عامر وقيل له : إنّ المغيرة نظر إلى رجل رئيس شريف كان من أصحاب عليّ عليهالسلام وقاتل معه الخوارج ، فبعثه ومعه «شيعة علي» لعداوتهم لهم.
فبعث ابن عامر إلى شريك بن الأعور الحارثي الهمداني وهو على رأي عليّ عليهالسلام ، وقال له : انتخب ثلاثة آلاف رجل واخرج بهم إلى هذه «المارقة» حتّى تخرجهم من أرض البصرة ، أو تقاتلهم فتقتلهم. فانتخب الناس وألحّ على فرسان ربيعة على رأي «الشيعة».
ودنا معقل من المدائن فاخبر أنهم ارتحلوا ، فنزل على باب مدينة بهرسير ، فخرج إليه عامل المدائن سماك بن عبيد وأمر غلمانه ومواليه فأتوهم بالجزر والشعير والقتّ بما يكفيه ومن معه ، وأقام معقل هناك ثلاثة أيام.
ثمّ قدّم مقدمة في ثلاثمائة فارس مع أبي الروّاغ الشاكري الهمداني ، فركب في الوجه الذي أخذوا فيه ، حتّى عبروا جرجرايا في آثارهم حتّى لحقهم مقيمين بالمذار فتنحّوا عنهم وباتوا متحارسين. فلما ارتفع الضحى شدّ الخوارج عليهم ، فتناوشوا وتواقفوا حتّى صلّوا الظهر والعصر. ودعا معقل محرز بن شهاب التميمي وأمره أن يتخلّف في ضعفة الناس ، ليتعجّل هو بأهل القوة منهم سبعمائة رجل ولكنّه لم يصلهم إلّا بعد الأصيل وحين غربت الشمس ، فنزلوا للصلاة ،