فقال سعد : ما كنت لأقاتل رجلا قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي» فكأنّ معاوية أنكر ذلك فسأله : من سمع هذا معك؟ قال : فلان وفلان وأمّ سلمة. فطلب إليه معاوية أن يقوما معا إلى أم سلمة فقاما إليها فسألاها فحدثتهما بما حدّث به سعد. فلما سمع ذلك معاوية قال جدلا : لو سمعت هذا قبل اليوم لكنت خادما لعليّ! حتّى يموت أو أموت (١)!
وروى المفيد الخبر بسنده عن ابن عباس قال : نزل معاوية في حجه المدينة فاستؤذن لسعد بن أبي وقاص عليه ، فقال لجلسائه : إذا أذنت لسعد وجلس فخذوا في عليّ بن أبي طالب! ثمّ أذن له فلما دخل أجلسه معه على سريره!
ثمّ سمعهم سعد يشتمون عليّا عليهالسلام فاستعبر سعد ، ورآه معاوية فقال له : يا سعد! أتبكي أن يشتم قاتل أخيك عثمان!
فقال سعد : والله ما ملكت بكائي! ثمّ قال : خرجنا من مكة مهاجرين حتّى نزلنا هذا المسجد فكان فيه مبيتنا ومقيلنا ، حتّى أخرجنا منه رسول الله وترك عليّا ، فاشتدّ علينا ذلك ولكنّا هبنا نبيّ الله أن نذكر له ذلك! فقلنا لعائشة : إنّ لنا صحبة مثل صحبة عليّ وهجرة مثل هجرته ، وأخرجنا من المسجد وتركه فيه! فلا ندري أمن سخط الله أو من غضب رسوله! وإنّا نهى به فاذكري له ذلك! فذكرت ذلك له فقال لها : يا عائشة ، لا والله ما أنا أخرجتهم ولا أنا أسكنته ، بل الله أخرجهم وأسكنه!
وغزونا خيبر فانهزم من انهزم فقال نبي الله : «لاعطين الراية اليوم رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله» فدعاه وكان أرمد فتفل في عينه وأعطاه رايته ففتح الله له!
__________________
(١) البداية والنهاية لابن كثير الشامي ٨ : ٧٧ ، وعنه في الغدير ١٠ : ٢٥٨ ، وانظر تعليق الأميني عليه. ونقله في علل الشرائع ١ : ٢٦٠ الباب ١٦٠ في رسالة الشيباني في صلح الحسن عليهالسلام وذكر استحالته وكذبه.