وأنت أنظر للجماعة وأعلم باستقامة الطاعة! مع أنّ أهل الحجاز وأهل العراق لا يرضون بهذا ولا يبايعون ليزيد ما كان الحسن عليهالسلام حيّا (١).
فقام الضحاك الفهري مغضبا فذكر أهل العراق بالشقاق والنفاق وقال لمعاوية : اردد رأيهم في نحورهم! وقام عبد الرحمن الثقفي فتكلم بمثله ، ثمّ قام رجل من الأزد فأشار إلى معاوية وقال له : أنت أمير المؤمنين فإذا متّ فأمير المؤمنين يزيد ، ومن أبى فهذا وسلّ سيفه! فقال له معاوية : اقعد فأنت من أخطب الناس! فكان معاوية أول من بايع ليزيد ابنه بولاية العهد ، وفي ذلك قال ابن همّام السلولي :
فإن تأتوا برملة أو بهند |
|
نبايعها أميرة مؤمنينا |
إذا ما مات كسرى قام كسرى |
|
نعدّ ثلاثة متنا سقينا |
فيا لهفا لو أنّ لنا أنوفا |
|
ولكن لا نعود كما عنينا |
إذا لضربتم حتّى تعودوا |
|
بمكة تلعقون بها السّخينا |
حسينا الغيظ حتّى لو شربنا |
|
دماء بني امية ما روينا |
لقد ضاعت رعيتكم وأنتم |
|
تصيدون الأرانب غافلينا |
وكان عامله على المدينة مروان بن الحكم ، فكتب إليه يعلمه باختياره ليزيد ومبايعته إياه بولاية عهده ويأمره بمبايعته وأخذ البيعة له على من قبله! فلما قرأ مروان ذلك خرج مغضبا في أهل بيته وأخواله من بني كنانة حتّى أتوا إلى دمشق ، ودخل على معاوية يمشي بين السماطين حتّى إذا دنا منه بقدر ما يسمعه صوته سلّم تكلّم بكلام كثير يوبّخ به معاوية ومنه قوله له : أقم الأمور يا ابن أبي سفيان (كذا) واعدل عن تأميرك الصبيان! واعلم أن لك من قومك نظراء! وأن لهم على مناوأتك وزراء!
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ : ١٦٩ وحذفه المسعودي.