وزعمت أن أفضل الناس في الإسلام فلان وفلان ، فذكرت أمرا إن تمّ اعتزلك كلّه وإن نقص لم يلحقك ثلمه! وما أنت والفاضل والمفضول والسائس والمسوس! وما للطّلقاء وأبناء الطّلقاء والتمييز بين المهاجرين الأوّلين وترتيب درجاتهم وتعريف طبقاتهم! هيهات لقد حنّ قدح ليس منها وطفق يحكم فيها من عليه الحكم لها! ألا تربع ـ أيها الانسان ـ على ظلعك ، وتعرف قصور ذرعك ، وتتأخّر حيث أخّرك القدر؟! فما عليك غلبة المغلوب ولا ظفر الظافر؟! وإنّك لذهّاب في التيه روّاغ عن القصد.
ألا ترى ـ غير مخبر لك ولكن بنعمة الله احدّث ـ أنّ قوما استشهدوا في سبيل الله تعالى من المهاجرين والأنصار ـ ولكل فضل ـ حتى إذا استشهد شهيدنا قيل : سيد الشهداء ، وخصّه رسول الله صلىاللهعليهوآله بسبعين تكبيرة عند صلاته عليه!
أو لا ترى أنّ قوما قطعت أيديهم في سبيل الله ـ ولكل فضل ـ حتّى إذا فعل بواحدنا ما فعل بواحدهم قيل : الطيّار في الجنة وذو الجناحين! ولو لا ما نهى الله عنه من تزكية المرء نفسه لذكر ذاكر فضائل جمّة تعرفها قلوب المؤمنين ولا تمجّها آذان السامعين.
فدع عنك من مالت به الرميّة ؛ فإنا صنائع ربّنا ، والناس بعد صنائع لنا (١) ، لم يمنعنا قديم عزّنا ولا عاديّ طولنا على قومك : أن خلطناكم بأنفسنا فنكحنا وأنكحنا فعل الأكفاء ، ولستم هناك! وأنّى يكون ذلك كذلك ومنّا النبيّ ومنكم المكذّب! ومنّا «أسد الله» ومنكم أسد الأحلاف ، ومنّا «سيّدا شباب أهل الجنة» ومنكم «صبية النار» ومنّا «خير نساء العالمين» ومنكم «حمّالة الحطب» في كثير مما لنا وعليكم (٢)!
__________________
(١) كما في قوله سبحانه : (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي) وصنيعة الملك من يحسن إليه الملك فيرفع قدره.
(٢) أسد الله : حمزة عمّ النبي ، وأسد الأحلاف قتيله : عتبة بن ربيعة بن عبد شمس