وقال له المسور بن مخرمة : يا أبا عبد الله ، إني سمعت أخاك قبل أن يموت بيوم يقول لي : يا ابن مخرمة ، إني قد عهدت إلى أخي أن يدفنني مع رسول الله إن وجد إلى ذلك سبيلا ، فإن خاف أن يهراق في ذلك محجم من دم فليدفنّي مع أمي (فاطمة بنت أسد) بالبقيع! وإني أذكّرك الله في هذه الدماء ، ألا ترى ما هاهنا من السلاح والرجال! والناس سرّاع إلى الفتنة!
وسمعت أبي يقول : قلت لأخي برفق : يا أبا عبد الله ، إنا لا ندع قتال هؤلاء القوم جبنا منهم! ولكنّا إنما نتّبع وصية أبي محمد ، إنه والله لو قال : ادفنوني مع النبيّ ، لمتنا من آخرنا أو ندفنه معه! ولكنه خاف ما قد ترى فقال لنا : إن خفتم أن يهراق فيّ محجم من دم فادفنوني مع امي (بنت أسد) وإنما نتّبع عهده وننفّذ أمره (١).
وحضر أبو هريرة ومروان ينادي : والله ما كنت لأدع ابن أبي تراب أن يدفن مع رسول الله وقد دفن عثمان (في حشّ كوكب اليهودي)!
فناداه أبو هريرة : يا مروان اتق الله ولا تقل لعليّ إلّا خيرا! فأشهد سمعت رسول الله يوم خيبر يقول : «لاعطينّ الراية رجلا يحبّه الله ورسوله ليس بفرّار» وأشهد لقد سمعت رسول الله يقول في الحسن : «اللهم إني احبّه فأحبّه وأحبّ من يحبّه».
فقال له مروان : إنك والله قد أكثرت على رسول الله الحديث ؛ فلا نسمع منك ما تقول ، فهلمّ معك غيرك يعرف ما تقول! وكان أبو سعيد الخدري حاضرا وقد سمع معه ما سمع ، فأشار إليه أبو هريرة وقال : هذا أبو سعيد الخدري. فقال مروان : لقد ضاع حديث رسول الله إذ لا يرويه إلّا أنت وأبو سعيد الخدري ، والله ما أبو سعيد الخدري يوم مات رسول الله إلّا غلاما! ولقد جئت أنت من جبال دوس قبل وفاة رسول الله بيسير! فاتّق الله يا أبا هريرة! فقال : نعم ما أوصيت به! وسكت عنه (٢).
__________________
(١) الطبقات الكبرى ٨ : ترجمة الإمام الحسن عليهالسلام ، الحديث ١٥٢.
(٢) الطبقات الكبرى ٨ : ترجمة الإمام الحسن عليهالسلام ، الحديث ١٧٨.