فإسلامنا ما سمع ، وجاهليتنا لا تدفع ، وكتاب الله يجمع لنا ما شذّ عنّا وهو قوله سبحانه وتعالى : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ)(١) وقوله تعالى : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ)(٢) فنحن مرّة أولى بالقرابة ، وتارة أولى بالطاعة : ولمّا احتجّ المهاجرون على الأنصار يوم السقيفة برسول الله فلجوا عليهم ، فإن يكن الفلج به فالحقّ لنا دونكم ، وإن يكن بغيره فالأنصار على دعواهم.
وزعمت أنّي لكل الخلفاء حسدت وعلى كلّهم بغيت! فإن يكن ذلك كذلك فليست الجناية عليك فيكون العذر إليك ، و «تلك شكاة ظاهر عنك عارها».
وقلت : إني كنت اقاد كما يقاد الجمل المخشوش حتّى أبايع (٣)! ولعمرو الله لقد أردت أن تذمّ فمدحت وأن تفضح فافتضحت! وما على المسلم من غضاضة أن يكون مظلوما ما لم يكن شاكّا في دينه ولا مرتابا بيقينه! وهذه حجّتي إلى غيرك قصدها ولكنّي أطلقت لك منها بقدر ما سنح من ذكرها.
__________________
ـ أبو هند جدّ معاوية ، وسيدا شباب أهل الجنة : الحسنان ، وصبية النار أطلقه النبي صلىاللهعليهوآله على صبية عقبة بن أبي معيط الأموي ، وخير نساء العالمين : فاطمة الزهراء ، وحمّالة الحطب : أم جميل بنت حرب بن أمية عمّة معاوية.
(١) الأنفال : ٧٥.
(٢) آل عمران : ٦٨.
(٣) هذه الجملة والمثل جاء في كتاب معاوية مع الباهلي وجاء هنا جوابه ، ولم يكن في كتابه مع الخولاني ، ولذا نقل المعتزلي الشافعي عن النقيب تخطئته لمن جعل هذا الجواب ضمن الجواب لكتاب الخولاني ، انظر شرح النهج ١٥ : ١٨٧.