فقام أربد بن ربيعة الفزاري فقال : أتريد أن تسيّرنا إلى إخواننا من أهل الشام فنقتلهم لك؟! كما سرت بنا إلى إخواننا من أهل البصرة فقتلناهم؟ كلّا ها الله ، إذا لا نفعل ذلك!
فقام الأشتر وقال للناس : أيها الناس من لهذا؟ فهرب الرجل واشتدّ الناس من همدان خلفه (١) وقال الأشتر لعلي عليهالسلام :
يا أمير المؤمنين ؛ لا يهدّنك ما رأيت ، ولا يؤيسنّك من نصرنا ما سمعت من مقالة هذا الشقي الخائن. (فإنّ) جميع من ترى من الناس شيعتك ، وليسوا يرغبون بأنفسهم عن نفسك ، ولا يحبّون بقاء بعدك.
فإن شئت فسر بنا إلى عدوك.
والله ما ينجو من الموت من خافه ، ولا يعطى البقاء من أحبّه ، وما يعيش بالآمال إلّا شقي ، وإنّا لعلى بيّنة من ربّنا أن لن تموت نفس إلّا بأجلها.
فكيف لا نقاتل قوما هم كما وصف أمير المؤمنين؟ وقد وثبت عصابة منهم (بالأمس) على طائفة من المسلمين فأسخطوا الله فيهم ، وأظلمت الأرض بأعمالهم ، وباعوا خلاقهم بعرض من الدنيا يسير (٢).
وكأن عديّ بن حاتم لم يعلم بكتب الإمام ورسله إلى الشام فقام وقال :
يا أمير المؤمنين ؛ ما قلت إلّا بعلم ، ولا دعوت إلّا إلى حقّ ، ولا أمرت إلّا برشد.
__________________
(١) حتّى لحقوه في سوق بيع البراذين والدوابّ ، فضربوه بنعال سيوفهم وأيديهم فوقع فوطئوه بأرجلهم فمات. وقعة صفين : ٩٤ ، وأنساب الأشراف ٢ : ٢٩٣.
(٢) وقعة صفين : ٩٥ وكأنّ عليا عليهالسلام والأشتر يعنيان البصرة ويرون من ورائها معاوية ، وهو الحقّ. وفي الخبر : قيل له عليهالسلام : قتل الرجل (الفزاري) قال : ومن قتله؟ قالوا : همدان ومعهم غيرهم ، فقال : قتيل عميّة لا يدرى من قتله ، فديته على بيت مال المسلمين. فودّاه لهم.