فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ)(١) فإنّ الظاهر أنّ المراد من الأمر الأوّل في صدر الآية الفعلُ ، والمراد بالأمرين الأخيرين القولُ فيكون لفظ الأمر إمّا حقيقة في أحدهما مجازاً في الآخر ، أو مشتركاً بينهما ، ولعلّ الأخير أقوى لاتّحادهما في الإطلاق وكثرة الاستعمال واختلافهما بلفظ الجمع ، فإنّ الأوّل يجمع على أمور والثاني على أوامر ، وقرينة المقام للتعيين لا للصرف من أحدهما إلى الآخر.
الثالثة : قوله تعالى : (قَالَ لِلْمَلأِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ)(٢) فإنّ هذه الآية تحتمل إرادة القول أو الفعل ، والأوّل أظهر ، وتدلّ على عدم اشتراط العلوّ أو الاستعلاء في الأمر مع احتمال المجازية واستعماله على طريقة الاستعطاف والآداب.
الرابعة : قوله تعالى : (لاَ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)(٣) فإنّها ظاهرة في إرادة القول في الأمرين معاً ، وتدلّ على أنّ الأمر للوجوب لغةً وعرفاً وشرعاً بقرينة ترتّب العصيان على تركه.
الخامسة : قوله تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) سورة النمل : ٣٢ ، ٣٣.
(٢) سورة الشعراء : ٣٤ ، ٣٥.
(٣) سورة التحريم : ٦.