اختيار الطبري»(١) ، «واختاره الطبري ، وهو مذهبنا»(٢) ، وإنّ عدد هذه الموارد قليلة في القياس مع النوع الأوّل والثالث.
وأمّا في النوع الثالث : فإنّ الشيخ الطوسي لم يذر آراء الطبري وسائر المفسّرين من السّنة والمعتزلة في تبيانه بدون نقد وتقييم ، وإن أمكننا أن نقوم بتقييم كلّي فإنّ الشيخ الطوسي بالنسبة لمفسّرين مثل الطبري ، الجبّائي والأهمّ من ذلك كلّه نظرته إلى الرمّاني إنّما هي نظرة إيجابية ولكن مع ذلك فإنّه لا يغضّ النظر عن الموارد التي يختلف فيها رأيه معهم ، فإن لم يستحسن رأياً من آراء الطبري أو أقواله التفسيرية ، الكلامية ، الفقهية ، واللغوية فإنّه لا يتردّد في نقد وردّ تلك الآراء أبداً ، ويتبيّن من خلال ذلك أنّ القدرة والهيمنة العلمية للطبري في التفسير ـ وخاصّة في بغداد ـ لم تكن بدرجة من الأهميّة بحيث يرى الشيخ الطوسي نفسه ملزماً على المداراة أو التقية(٣) ، فتارة ينقل هذه الانتقادات عن قول الآخرين مثل الرمّاني(٤) ، ولكن في أغلب الأحيان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) التبيان ٣ / ٢٠٥.
(٢) التبيان ٣ / ٢٠٨.
(٣) وهي نفس الطريقة التي اتّخذها الرّمّاني في تفسيره قبل عقود من الشيخ الطوسي ، وقد تكرّرت بوضوح عند الشيخ الطوسي ، كما أنّ الرّمّاني كان يهتمّ بالروايات المنقولة في تفسير الطبري وكذلك الآراء التفسيرية للطبري لكنّه كان يردّها في بعض الأحيان ، ويمكننا أن نعثر في مصنّفات الشريفين الرضي والمرتضى على نماذج من هذه الطريقة في النقد الموجّهة للطبري.
(٤) «قال الرمّاني : وهذا غلط» ، (التبيان ٢ / ٥٦٣) ؛ «وقال الرّمّاني : هذا ليس بشيء» ، (التبيان ٣ / ٢٠٢).