السير على نهجهم ، وعقدت فصولاً أربعة لكلّ واحد من هذه الحجج ، وبعد الفراغ منها ، استعرضت البحث فيما لا نصّ فيه وطرحت فيه الأُصول العملية لعلّ اللّه سبحانه يوفقنا على استعراض جديد لهذه المسائل.
في تقسيم حالات المكلّف أو المجتهد
قال الشيخ الأعظم : اعلم أنّ المكلّف إذا التفت إلى حكم شرعي ، فإمّا أن يحصل له القطع أو الظنّ أو الشكّ ، فإن حصل له الشكّ فالمرجع هي القواعد الشرعية ، الثابتة للشاكّ في مقام العمل ، وتسمّى بالأُصول العملية.
وقد نوقش كلامه بوجوه نذكر منها ما يلي :
١. قد أُخذ المكلف موضوعاً لطروء الحالات الثلاث مع أنّها من خصائص المجتهد دون مطلق المكلّف.
٢. أُطلق لفظ الحكم وهو يشمل الإنشائي والفعلي ، مع أنّ الأحكام المترتّبة على القطع والظن والشكّ إنّما تترتّب على ما إذا تعلّق القطع وغيره ، بالحكم الفعلي دون الإنشائي ، والمراد من الحكم الإنشائي ما تمّ تشريعه ولم يبيّن أو لم يصل إلى يد الأُمّة بتاتاً لوجود موانع في طريق إبلاغه وبيانه للناس.
فإن قلت : المراد من الحكم الإنشائي هو الحكم الفاقد للموضوع ، كوجوب الحجّ بالنسبة إلى فاقد الاستطاعة ، فيقال وجوب الحج في حقّه إنشائي ، ومعلوم انّ أحكام القطع وغيره مترتبة أيضاً على هذا النوع من الحكم الإنشائي.
قلت : إنّ في الحكم الإنشائي اصطلاحين : أحدهما ما ذكرت ، والثاني ما ذكره المورد كما مرّ ، والإشكال مبنيّ على الاصطلاح الأوّل.