البعث الموجود في البين ، فالانبعاث عن الأمر بهذا المعنى متحقّق في الامتثال الإجمالي فانّه لا ينبعث ولا يتحمل العناء إلا لامتثال الأمر الموجود ، وإن أراد الانبعاث من تعلّق الأمر بالفرد الذي هو بصدد إتيانه ، فليس شرطاً في صدق الإطاعة.
وبعبارة أُخرى : المكلّف تارة ينبعث عن الميول النفسية ، وأُخرى عن أمر المولى وبعثه. والمفروض في المقام هو الثاني ، لأنّه في جميع الحالات منبعث من العلم بأمره الموجود في البين حتى أنّه إنّما يمتثل كلّ واحد لأمره سبحانه أي لأجل احتمال تعلّقه به وهو يكفي في صدق الإطاعة.
فخرجنا بهذه النتيجة : انّ الامتثال الإجمالي في عرض الامتثال التفصيلي في جميع المراحل إلا إذا كان الفعل في نظر العقلاء أمراً عبثاً.
الأمر الثاني : في كفاية الامتثال الإجمالي في مقابل الظن التفصيلي
وقد طرحه الفقهاء في مبحث التقليد ، وانّه هل يجوز للمكلّف أن يحتاط مع إمكان الاجتهاد والتقليد؟ قال السيد الطباطبائي في عروته : يجب على كلّ مكلّف في عباداته ومعاملاته أن يكون مجتهداً أو مقلداً أو محتاطاً. (١)
واعلم أنّ العمل بالاحتياط تارة في مقابل الظن المعتبر بالخصوص ويسمى الظنّ الخاص كالخبر الواحد ، أو مقابل الظنّ الانسدادي الذي ثبتت حجيته بترتيب مقدمات خمس.
أمّا الأوّل ، فالامتثال الظني التفصيلي ليس بأفضل من الامتثال العلمي التفصيلي ، وقد عرفت عدم تقدّمه على الامتثال الإجمالي فكيف يقدم عليه ما هو أدون منه رتبة؟! والظاهر انّ كلاً من الامتثالين في عرض الآخر. نعم ذكر المحقّق
__________________
١. العروة الوثقى ، كتاب التقليد ، المسألة الأُولى.