الثاني : طلب الضدين (١) وهو فيما إذا أخطأت الأمارة وأدّت إلى وجوب ضدّ الواجب ، كما إذا أمر المولى بالإزالة واقعاً وهو واجب مضيّق وقامت الأمارة على وجوب الصلاة فيلزم طلب الضدين في ظرف لا يكفي لأحدهما.
الثالث : تفويت المصلحة أو الإلقاء في المفسدة ، وذلك فيما إذا أدّى إلى عدم وجوب ما هو واجب ، أو عدم حرمة ما هو حرام.
هذه هي التوالي الفاسدة الناشئة من التعبد بالأمارة الظنية.
ثمّ إنّ المحقّقين أجابوا عن تلك المحاذير بأجوبة مختلفة نتناول بعضها بالنقاش حسب ما يقتضيه الحال.
إنّ المحقّق الخراساني أجاب عن تلك الإشكالات بأجوبة ثلاثة ، وبهذا جمع بين الحكم الواقعي والظاهري.
الجواب الأوّل (٢)
المجعول في باب الأمارات هو الحجّية بمعنى انّه التنجيز لو أصاب والتعذير إذا أخطأ فقط لا جعل حكم مماثل لمؤدّى الأمارة حتى تستتبع حجّية الأمارة حكماً مجعولاً على نحو ما تتضمنه ، بل حجّيتها ليست إلا تنجيز الواقع إذا أصابت وتعذيره إذا أخطأت ، وليس في مخالفتها أو موافقتها سوى التجري والانقياد ، وعلى ضوء ذلك ليس هنا حكم وراء الواقع حتى يلزم اجتماع حكمين مثلين ـ إذا وافقت الواقع ـ أو ضدين ـ إذا خالفت الواقع ـ ولا طلب الضدين ـ لعدم الضد الثاني حتى يطلبه ـ ولا اجتماع المصلحة والمفسدة ولا الكراهة والإرادة ، لأنّ الجميع من فروع وجود حكم ثان والمفروض انتفاؤه.
وهو بهذا الجواب ردّ على جميع تلك الإشكالات :
__________________
١. وهذا المحذور غير ما مرّ من اجتماع الضدين فلاحظ.
٢. أشار إلى هذا الجواب بقوله : لأنّ التعبد بطريق غير علمي الخ.