الحكمان مختلفين جوهراً كأن يكون أحدهما إنشائياً ـ حسب بعض كلماته ـ أو فعلياً حسب ما استظهرناه ، والآخر فعلياً مطلقاً ، فالقطع بوجودهما ليس محالاً فضلاً عن احتمالهما.
الخامس : ما نسب إلى المحقّق السيد محمد الفشاركي وقرّره المحقّق الخراساني بالنحو التالي : انّ الحكمين ليس من مرتبة واحدة بل في مرتبتين ضرورة تأخر الحكم الظاهري عن الواقعي بمرتبتين. وقد أشار إلى هذا الجواب الشيخ الأنصاري في أوّل مبحث التعادل والتراجيح وإن كان كلامه في رفع التعارض بين الأُصول وما يحصله المجتهد من الأدلّة الاجتهادية ، ولكنّه عام لغير هذا المورد ، حيث قال : إنّ موضوع الحكم في الأُصول ، الشيء بنفس انّه مجهول الحكم فالحكم عليه بحلية العصـير ـ مثلاً ـ من حيث إنّه مجهول الحكم ، وموضوع الحكم الواقعي ، الفعل من حيث هو هو ، فإذا لم يطلع عليه المجتهد كان موضوع الحكم في الأُصول باقياً على حاله فيعمل على طبقه. الخ. (١)
وقد أورد عليه في الكفاية ما مرّ نظيره في تصوير الترتب ، وهو انّ الحكم الظاهري وإن لم يكن في تمام مراتب الواقعي إلا انّه يكون في مرتبته أيضاً وعلى تقدير المنافاة لزم اجتماع المتنافيين في هذه المرتبة.
إلى هنا تمت الأجوبة الخمسة للمجمع بين الحكم الواقعي والظاهري التي أشار إليها في الكفاية ، وهناك جواب سادس يندفع به جميع المحاذير المذكورة بالبيان التالي وربما يكون لبّه موجوداً ضمن الأجوبة السابقة.
تحليل جديد للمحاذير
إنّ المحاذير المتصورة في المقام لا تخلو إمّا أن تكون محاذير ملاكيّة ، أو
__________________
١. الرسائل : ٤٣١ ، خاتمة في التعادل والترجيح ، طبعة رحمة اللّه.