لا يخفى انّ التقسيم الثلاثي لا يخلو من محسِّنات :
١. انّه تقسيم طبيعي في كلّ موضوع يقع في أُفق الفكر من غير اختصاص بالحكم الشرعي.
٢. انّه كديباجة للمباحث الثلاثة التي ألّف الشيخ حولها الرسائل الثلاث : القطع ، الظن ، والأُصول العملية. والمحقّق الخراساني مع أنّه اختار التقسيم الثنائي ، لكنّه تبع الشيخ في مقام العمل فعقد بحثاً للقطع ، وبحثاً آخر للأمارات والطرق ، وأدرج الأُصول العملية في المقصد السابع فلاحظ.
٣. التثليث هو المناسب لحال المبتدئ ، لأنّ إدخال الظن تحت القطع ، بحجّة انّ المضمون حكم قطعي ظاهري من شأن المنتهى.
وأمّا التقسيم الثنائي فإنّما يصحّ إذا قلنا بأنّ المجعول في مورد الأمارات هو الحكم الشرعي وهو غير واضح ، وإنّما المجعول فيها إمضاء لما في يد العقلاء وليس للأمارة عندهم في الأُمور المولوية دور إلا أنّه إذا أصاب الواقع نجّز وإن أخطأ عذّر ، فليس لنا حكم باسم الحكم الشرعي الظاهري ومثلها الأُصول العملية العامة إذ ليس فيها أيّ جعل للشارع كالبراءة الشرعية والتخيير الشرعي والاستصحاب.
نعم لا يبعد في الأُصول العملية الخاصة كقوله : « كلّ شيء طاهر » أو « كلّ شيء حلال » كون المجعول هو الحكم الظاهري وسيوافيك بيانها.
هذا كلّه حول الإشكال الثالث المتوجّه إلى الشيخ.
وأمّا الإشكال الأوّل فيمكن الذبّ عنه بأنّ المراد من المكلّف هو المكلّف الفعلي الذي لا ينفك عن الالتفات الإجمالي ، وقوله : « إذا التفت » إشارة إلى