الجهة الثانية : في تقيّد الحجّية بالظن
هل الظواهر متَّبعة مطلقاً سواء أفادت الظن بالمراد ، أو هي حجّة بشرط عدم الظن بالخلاف ، أو حجّة بشرط الظن بالوفاق ، أو يفصل بين الظواهر الدائرة بين الموالي والعبيد ، والتي تدور بين غيرهم فيشترط في الثاني الاطمئنان بالمراد؟
والظاهر هو القول الأوّل ، لبناء العقلاء على حجّيتها مطلقاً ، بلا قيد وشرط ، أمّا في ميدان الاحتجاج والتكليف ، فيحتج المولى بظاهر كلامه ولا يقبل من العبد عدم حصول الظن بالوفاق ، أو حصول الظن بالخلاف ، إلا إذا استند إلى قرينة منفصلة ، أو متصلة صالحة لصرف الظاهر عن ظاهره ، فيخرج عن محلّ البحث ، كما أنّ للعبد الاحتجاج على المولى بظاهر كلامه ، بل لا ينقدح ـ كما عرفت ـ في أذهانهم احتمال إرادة خلاف الظاهر باحتمال انّه غفل عن نصب القرينة ، أو غفل السامع عمّا نصبه ، فلأجل ذلك لا يرد من سماعها إلى أذهانهم إلا معنى واحد.
الجهة الثالثة : حجّية الظواهر لمن قصد إفهامه ومن لم يقصد
لا شكّ في حجّية ظاهر كلامه لمن قصد إفهامه ومن لم يقصد ، والشاهد عليه الاحتجاج بالرسائل السرية بين الشخصين ، حيث يُستدل بها على حسن نيّة الكاتب أو سوئها ، كما يستدلون بالوصايا التي يخاطب فيها الموصي الوصيّ كالابن بالقيام بكذا وكذا ، إلى غير ذلك من الظواهر التي أُريد منها تفهيم شخص خاص ، ولكنّها تتخذ حجّة مطلقاً.
وقد خالف المحقّق القمّي ، حيث فصّل بين من قصد افهامه بالظواهر فهي حجّة له بالخصوص ، ومن لم يقصد ، فهي حجّة له من باب الظن المطلق ، الذي