٣. الظواهر من المتشابهات
يقسم القرآن الكريم الآيات إلى محكم ومتشابه ، يقول سبحانه : ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتاب وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْه ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْويلِهِ ... ). (١)
فالآيات المتشابهة ممنوعة الاتباع ، والظواهر أمّا من المتشابهات قطعاً أو احتمالاً فلا يصحّ التمسّك بها.
يلاحظ عليه : انّ الظواهر من المحكمات ، والمحكمات تنقسم إلى نصّ لا يقبل التأويل ويعدّ التأويل تناقضاً في الكلام ، وظاهر يقبله ويعد التأويل عملاً على خلاف الظاهر ، وأمّا المتشابه فهو ما لم يستقر له الظهور أصلاً ولم يتبين المراد منه ، ولأجل ذلك سمي متشابهاً لمتشابه المراد بغيره.
وقد اختلفت كلماتهم في تفسير المتشابهات ، فالمعروف انّ المتشابهات هي الآيات المشعرة بتجسيمه سبحانه ، أو كونه ذا جهة أو الجبر وسلب الاختيار عن الإنسان وما يشبه ذلك ممّا ورد في المحكمات خلافها ، ففي ظل القسم الثاني تحلّ عقده المتشابهات وترجع إليها ، وذلك بالإمعان في الآية المتشابهة وما قبلها وما بعدها ، والإمعان في سائر الآيات الواردة في ذلك المجال فيتجلّى المراد بالإمعان والدّقّة ، وهذا مثل قوله سبحانه : ( الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى ) (٢) ولا تعلم حقيقته إلا بملاحظة الآيات الواردة حول عرشه واستيلائه عليه ، وأين هذه الآيات من الظواهر التي استقر ظهورها في المعنى ، مثلاً قوله سبحانه : ( وَأُولاتُ الأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ). (٣)
__________________
١. آل عمران : ٧.
٢. طه : ٤.
٣. الطلاق : ٤.