بتفاصيل المعاني بحيث يعلم بدخول المشكوك أو خروجه ـ وإن كان المعنى معلوماً في الجملة ـ وإلى ذلك أشار الشيخ الأنصاري بقوله : والإنصاف انّ موارد الحاجة إلى قول اللغويين أكثر من أن يحصى في تفاصيل المعاني بحيث يفهم دخول الأفراد المشكوكة أو خروجها وإن كان المعنى في الجملة معلوماً من دون مراجعة اللغوي كما في مثل ألفاظ الوطن والمفازة ، والتمر ، والفاكهة والكنز والمعدن والغوص وغير ذلك من متعلقات الأحكام ممّا لا تحصى ، وإن لم يكن الكثرة بحيث يوجب التوقف فيها محذوراً. (١)
وقد أورد عليه المحقّق الخراساني ما هذا حاصله : من أنّ الانسداد الصغير لا يثبت حجّية قول اللغوي ، وذلك لأنّ باب العلم والعلمي للأحكام الشرعية ـ التي يهمّ المجتهد ـ إمّا مفتوح أو مسدود ، فعلى الأوّل ، لا وجه لحجّية الظن الحاصل من قول اللغوي ، وإن حصل منه الظن بالحكم الشرعي ، لفرض انفتاح باب العلم بالأحكام ، وعلى الثاني ، يكون الظن على الإطلاق حجّة إذا وقع في طريق الاستنباط ومنه الظن الحاصل من قول اللغوي ، وإن فرض انفتاح باب العلم باللغات بتفاصيلها فيما عدا المورد. (٢)
يلاحظ على الشقّ الأوّل : بأنّ فرض انفتاح باب العلم والعلمي في جميع الأحكام الشرعية ، يلازم حجّية قول اللغوي في الموارد التي يتوقف استنباط الأحكام على فهم التفاصيل وإلا فيكون فرض الانفتاح في جميع الأحكام فرضاً باطلاً ، لأنّ قسماً من الأحكام لا يعلم إلا من طريق قول اللغوي ، فكيف يكون باب العلم والعلمي مفتوحاً في عامة الأحكام الشرعية ، مع عدم حجّية قول اللغوي الذي يتوقف عليه استنباط بعض الأحكام؟!
____________
١. الفرائد : ٤٧.
٢. في كلام الشيخ الأنصاري أيضاً إشارة إلى هذا الإشكال فلا تغفل.