منه إلى زمان البعث أي فسق ، وكان فسقه مخفياً إلى أن أظهره القرآن الكريم.
وأمّا الاستدلال فتارة يستدل بمفهوم الوصف ، وأُخرى بمفهوم الشرط ، وإليك بيانهما.
الأوّل : الاستدلال بمفهوم الوصف بوجهين
١. إنّ قوله : فاسق ، وصف لموصوف محذوف ، أي مخبر فاسق ، فالمخبر الموصوف بالفسق يجب تبيّن خبره ، فيكون مفهومه انتفاؤه عند انتفاء الوصف ، بمعنى كون المخبر عادلاً. وهذا سار في كلّ وصف لا ثالث له ، كما في قوله : « في سائمة الغنم زكاة » فمعناه الغنم بقيد السائمة فيها زكاة ، ويكون مفهومه ، الغنم عند عدم كونها سائمة ليس فيها زكاة.
يلاحظ عليه : أنّ المستدلّ خلطَ بين كون القيد احترازيّاً ، وكونه ذا مفهوم ، ومفاد الأوّل هو مدخليته في الحكم مقابل القيد غير الاحترازي مثل ( في حُجُوركُمْ ) في قوله سبحانه : ( وَرَبائِبُكُمُ اللاّتِي في حُجُورِكُمْ ) (١) وأمّا كونه دخيلاً منحصراً لا يقوم مقامه شيء آخر ، فلا يدل عليه.
فإن قلت : القائم مقامه هو المعلوفة ، فلو كان كذلك ، كان ذكر السائمة لغواً ، إذ يعرف هذا من أنّ الزكاة لجنس الغنم ، ولا مدخلية لأحد الوصفين فيه.
قلت : لا تلزم اللغوية ، لاحتمال أن تكون القضية جواباً لسؤال السائل عن المعلوفة فجاء الجواب وفقاً للسؤال ، وإن كان الحكم عاماً.
٢. ما حقّقه الشيخ ، وقال : إنّ لخبر الفاسق حيثيتين : إحداهما ذاتية وهي ما يكون وصفاً للخبر وهي كونه خبر الواحد ، والأُخرى عرضية ، أي ما يكون وصفاً للمخبر ، ويوصف به الخبر أيضاً بالعناية ، وتعليق التبين على العنوان العرضي دون
__________________
١. النساء : ٢٣.