المحتملة في الآية حيث فسّرت بوجوه :
الأوّل : انّ الخطاب متوجه للمؤمنين في المدينة ومَن حولها ، ويخاطبهم بأنّ نفر الجميع إلى الجهاد أمر غير ممكن لاستلزامه تعطيل أمر الحياة واختلاله ، فأمر بنفر طائفة من كلّ فرقة لغاية التفقه في ميادين الحرب ، ثمّ إنذار قومهم المتخلفين في المدينة وما حولها ، عند الرجوع إليهم ، والمراد من التفقّه ما ذكره الطبرسي « ليتبصّروا ويتيّقنوا بما يُريهم اللّه من الظهور على المشركين ونصرة الدين ، وأمّا الإنذار عند الرجوع إليهم باخبارهم بنصر اللّه النبي والمؤمنين لعلّهم يحذرون أن يقاتلوا النبي فينزل بهم ما نزل بأصحابهم من الكفّار ».
ومزية هذا الوجه أمران :
١. حفظ السياق وصلة الآية بما قبلها من سائر الآيات.
٢. عدم التفكيك في ضمائرها ، حيث إنّ الضمائر المتصلة الثلاثة : ( ليتفَقَّهُوا ) و ( ليُنذِروا ) و ( إِذا رَجَعُوا ) ترجع إلى النافرين.
ولكن الذي يبعده أمور ثلاثة :
أ : انّ الظاهر من التفقّه هو فهم معارف الدين وتعلّم أحكامه ، وأمّا رؤية النصر في الحروب فهو يوجب مزيّة الثقة بأنّ اللّه ينصر رسوله والمؤمنين ، كما قال سبحانه : ( إِنّا لَنَنْصُرُرُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهاد ) (١) ، وهذا ليس تفقهاً في الدين ، بل مزيد إيمان باللّه وبما وعد.
ب : انّ النصر لم يكن حليف المسلمين دائماً ، بل ربما كانوا يرجعون مع النكسة والهزيمة ، كما هو الحال في غزوة أُحد وحنين ، فلا يمكن أن يكون مثل هذا غاية النفر ، التي يجب أن لا تنفك عنه.
____________
١. غافر : ٥١.