يلاحظ عليه : بأنّ الآية ظاهرة في من يتصدّى لأمر الإنذار ، بعد التفقّه ، ولا يصدق ذلك على من لا شأن له سوى نقل الرواية وحكاية الألفاظ ، من دون أن يتصدى لمقام الإنذار.
نعم يمكن أن يقال انّ العرف يساعد على إلغاء الخصوصية ، فإذا كان نقله كلام الإمام مع التخويف حجّة ، فيكون نقله المجرد أيضاً حجّة وإن لم يكن فهمه وتخويفه حجّة للمنقول إليه.
والحاصل : انّ المنذر يعتمد على أمرين : السنّة ، وتحليلها للمنقول إليه ، فإذا كان المنقول إليه عامياً يأخذ كلا الأمرين ، وأمّا إذا كان مجتهداً مثل المنذِر ، أو إذا كان الناقل عامياً فاقداً للتخويف ، يأخذ كلام الإمام ويستقل في فهمه.
فقد خرجنا بالنتيجة التالية :
١. انّ الآية فاقدة للإطلاق في كيفية الإنذار والحذر.
٢. انّ الآية ، تركز على من يتصدّى بعد التفقّه ، منصب الإنذار والإبلاغ التخويف ، ولا يدل على حجّية نقل العامي كلام المعصوم مجرداً عن التفقّه والإنذار والحذر إلا إذا قلنا بإلغاء الخصوصية.
الآية الثالثة : آية الكتمان
قال عزّ من قائل : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنّاهُ لِلنّاسِ فِي الكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنهُمُ اللاّعِنُون ). (١)
تقرير الاستدلال : انّه سبحانه يذمُّ أهل الكتاب لكتمانهم البشارات الواردة في كتبهم بظهور النبي القرشي الهاشمي العربي مع أنّهم كانوا يعرفونه كما يعرفون
__________________
١. البقرة : ١٥٩.