الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُون ). (١)
وقال عزّ من قائل : ( وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُون * وما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الْطَّعامَ وَما كانُوا خالِدين ). (٢)
ويقع الكلام في أُمور ثلاثة :
١. تفسير الآية.
٢. الاستدلال بالآية.
٣. تحليل الإشكالات حول الاستدلال.
وإليك الكلام في الأمر الأوّل :
إنّ ذيل الآية الثانية يحكي عن سبب نزولهما وهو أنّ مشركي مكة كانوا يُنكرون أن يرسل إليهم بشر مثلهم فبيّن سبحانه بأنّ حكمته اقتضت أن يبعث الرسل من البشر ليشاهدوه ويخاطبوه ، ولم يكن الرسل المبعثون إلى الأُمم الماضية ملائكة ( جسداً لا يأكلون الطّعام ) بل كانوا بشراً يأكلون كما يأكل سائر الناس وماتوا كما مات الآخرون وما كانوا خالدين ، ولأجل رفع جهلهم أمر بالرجوع إلى أهل الذكر والعلم ، يعني السيرة المستمرة بين العقلاء من الرجوع إلى أهل العلم فيما لا يعلمون.
هذا هو مفاد الآية التي نزلت في سورتين باختلاف يسير بينهما ، حيث اشتملت الآية الأُولى على لفظة حرف الجر « من » قبلك ، دون الآية الأُخرى ، وما هو الوجه في ذاك الاختلاف فعلى عاتق الأدب.
__________________
١. النحل : ٤٣.
٢. الأنبياء : ٧ ـ ٨.