محرماً ، وكلّما كان كذلك فهو حرام (١) مع أنّ الجميع من باب واحد ، ولعلّ منشأ الاشتباه هو الخلط بين الحجّة المنطقية والحجّة الأُصولية ، فانّ التفكيك إنّما يصحّ في الثانية دون الأُولى ، وإليك بيانها.
الحجّة الأُصولية عبارة عمّا لا يحكم العقل بالاحتجاج بها ولا يحكم بعدمه أيضاً غير أنّ العقلاء أو الشارع يرون الاكتفاء بالقطع يوجب العسر والحرج ، أو فوتَ المصالح لقلة القطع واليقين ، فيعتبرون الأمارة في الأحكام والبيّنة في الموضوعات حجّة لإثبات متعلقاتهما ، والحجّة بهذا المعنى من خصائص الحجج العقلائية والشرعية ، وذلك لأنّ كاشفية الأمارة ليست تامة فيحتاج في صحّة الاحتجاج بها إلى إضفاء الحجّية عليه ، من جانب العقلاء أو المولى.
وهذا بخلاف القطع فبما انّه كاشف تامّ عند القاطع ، يستقل العقل بصحة الاحتجاج به يراه غنيّاً عن إفاضة الجعل عليه ، مضافاً إلى ما عرفت من استلزامه التسلسل.
٦. لا يصحّ المنع عن العمل بالقطع
إذا كان الحكم مترتباً على الواقع كالحرمة على الخمر بما هو هو ، فلو قطع إنسان بكون المائع خمراً لا يصحّ النهي عن العمل به لاستلزامه كون الناهي مناقضاً في كلامه في نظر القاطع ، سواء أصاب أم أخطأ ، إذ معنى النهي هو تعلّق إرادتين تشريعيتين مختلفتين بشيء واحد.
نعم إذا كانت للطريق مدخليّة في موضوع الحكم ، فله أن يتصرّف في
__________________
١. الفرائد : ١ ، طبعة رحمة اللّه.