٢. الاحتجاج بالإجماع العملي
وقد يحتج بدعوى اتّفاق العلماء عملاً بل كافة المسلمين على العمل بالخبر الواحد في أُمورهم الشرعية ، فبما يظهر من أخذ فتاوى المجتهدين من الناقلين لها.
وأورد عليه المحقّق الخراساني : انّه لم يحرز اتّفاقهم على العمل بما هم مسلمون ، لأنّهم لا يزالون يعملون بها في غير الأُمور العادية به ، فيرجع هذا الاستدلال إلى الاستدلال الآتي ، أعني : الاستدلال بسيرة العقلاء.
٣. الاحتجاج بالسيرة العقلائية
إنّك إذا تصفّحت حال العقلاء في حياتهم الدنيوية ، تقف على أنّهم مطبقون على العمل بقول الثقة في جميع الأزمان والأدوار وفي تمام الأقطار والأمصار ، ويتضح ذلك بملاحظة أمرين :
الأوّل : أنّ تحصيل العلم القطعي عن طريق الخبر المتواتر أو المحفوف بالقرائن أمر صعب ، خصوصاً بالنسبة إلى من يسكن البوادي والقرى مع قلة المواصلات والوسائل الإعلامية.
الثاني : انّ القلب يسكن إلى قول الثقة ويطمئن به ويخرج عن التزلزل ، ولأجل ذلك يُعدّ عند العرف علماً لا ظناً ، خصوصاً إذا كان عدلاً ، ذا ملكة رادعة عن الاقتحام في الكذب.
ولو كانت السيرة أمراً غير مرضي للشارع ، كان عليه الردع عن ذلك كما ردع عن العمل بقول الفاسق.
مع أنّك إذا سبرت حياة الأُمم في العصور السابقة ، تقف على أنّ سيرتهم جرت على العمل بخبر الواحد ، خصوصاً بين أهل القرى والبوادي التي لا يتوفر