المقدمة الخامسة
إذا وجب التعرض لامتثال الأحكام المشتبهة ولم يجز إهمالها بالمرة كما هو مقتضى المقدّمة الثالثة وثبت عدم وجوب الامتثال على وجه الاحتياط ، وعدم جواز الرجوع إلى الأُصول الشرعية إمّا لاستلزام جريانها طروء التناقض ، أو المخالفة القطعية كما هو مقتضى المقدمة الرابعة ، تعين التعرض لأمثال الأحكام المشتبهة على وجه الظن بالواقع ، إذ ليس بعد الامتثال العلمي ، والامتثال الظني بالظن الخاص ، امتثال مقدّم على الامتثال الظني.
توضيح ذلك : انّ للامتثال مراتب أربع :
١. الامتثال العلمي التفصيلي ، وهو أن يأتي بما يعلم تفصيلاً انّه هو المكلّف به وفي معناه إذا ثبت كونه المكلف به بالظن الخاص ، فالعمل بالخبر الواحد والأُصول التي تثبت حجّتها بالدليل من مصاديق هذه المرتبة.
٢. الامتثال العلمي الإجمالي ، وهو العمل بالاحتياط في الشبهات البدوية والمقرونة بالعلم الإجمالي.
٣. الامتثال الظني ، أي أن يأتي بما يظن المكلف به ولم يقم دليل بالخصوص على حجّيته.
٤. الامتثال الاحتمالي ، كالتعبد ببعض محتملات المكلّف به.
وهذه المراتب لا يجوز عند العقل العدول عن سابقتها إلى لاحقتها إلا مع تعذّرها ، فإذا تعذرت الأُولتان بتعين الامتثال بصورة الظن بالمكلّف به لقبح الامتثال الشكي أو الوهمي ، مع إمكان الامتثال الظني وعلى هذا يصبح الظن حجّة.
وأمّا انّ نتيجة دليل الانسداد إجمالاً هي حجّية مطلق الظن أو حجّيته في