البراءة. (١)
ثمّ إنّ الوجه لعنوان كلّ مطلب على حدة أمران :
١. اختصاص النزاع بين الأُصولي والأخباري بالشبهة الحكمية التحريمية دون الوجوبية ودون الموضوعية منها ، ودون دوران الأمر بين الأمرين.
٢. اختصاص بعض أدلّة البراءة بالشبهة التحريمية ولا تعم الوجوبية والموضوعية ، مثل قوله : « كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهي ».
نعم أدخل المحقّق الخراساني جميع المسائل تحت عنوان واحد وبحث عن الجميع بصفقة واحدة « وهو من لم يقم عنده حجّة على واحد من الوجوب والحرمة وكان عدم نهوض الحجّة لأجل فقدان النصّ أو إجماله أو تعارضه أو خلط الأُمور الخارجية » ولكلّ من السلوكين وجه.
السادس : أخرج المحقّق الخراساني صورة تعارض النص عن مجرى البراءة ، وذلك لقيام الحجّة على لزوم تقديم ذات الترجيح على غيره ، والتخيير عند عدمه فلا مجال لأصالة البراءة وغيرها لمكان النصّين فيهما.
يلاحظ عليه : أنّ ما ذكره إنّما يتم إذا كان التعارض بين الدليلين الظنيّين ، أمّا إذا كان بين القطعيين ، أو بين الظنيين ولكن كانت النسبة بينهما عموماً وخصوصاً من وجه ، فلا يرجع فيه إلى المرجحات.
أمّا الأوّل كقوله سبحانه : ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيّةً لأَزواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الحَوْلِ غَيْرَ إِخْراج ) (٢). وقوله : ( وَالَّذِينَ يُتَوفَّونَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُر وَعَشْراً ) (٣) ، حيث دلّت الآية
____________
١. الفرائد : ١٩٢.
٢. البقرة : ٢٤٠.
٣. البقرة : ٢٣٤.