على الأوّل وبالحلية الواقعية على الثاني ، ويتوقف عن الحكم على الثالث.
والشاهد على ما ذكرنا من أنّ مصبّ البحث هو حكم الأشياء بعناوينها الأوّلية استدلال القائل بالحظر بقوله : « إنّ هذه الأشياء لها مالك ولا يجوز لنا التصرف في ملك الغير إلا بإذنه ». (١)
وأمّا المسألة الثانية ، فالبحث فيها عن حكم الأشياء عند الشكّ في الأحكام الواقعية
المترتبة عليها بما هي هي ، فللقائل بالحظر في المسألة الأُولى أن يقول بالبراءة في المسألة الثانية ، كما أنّ للقائل بالإباحة فيها أن يقول بالاحتياط فيها لاختلاف موضوعهما ، إذ لكل دليلهما.
ثمّ إنّ البحث عن نسبة الأمارات إلى الأُصول ، وهل هي الورود ، أو الحكومة موكول إلى باب التعادل والترجيح ، وإن طرحه المحقّق الأنصاري وتبعه النائيني وسيّدنا الأُستاذ قدسسره في المقام. لكن نرجئ البحث عنها إلى المقصد الثامن بإذن اللّه.
إذا علمت ذلك ، فلنقدّم أدلّة القائلين بالبراءة عند عدم قيام الحجّة على التكليف ، فنقول : استدلوا بآيات أربع.
الأُية الأُولى : التعذيب فرع البيان
إنّ هنا آيات تدل على أنّ التعذيب فرع تقدّم البيان نذكر منها آيتين :
قال سبحانه : ( مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّما يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَلاتَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخرى وَما كُنّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولاً ). (٢)
وقال تعالى : ( وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتّى يَبْعَثَ في أُمِّها رَسُولاً يَتْلُوا
__________________
١. العدة : ٢ / ٧٤٤.
٢. الاسراء : ١٥.