عن تقصير ، قال سبحانه : ( إِنَّ اللّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذّاب ) (١) أي يضلّه لأنّه مسرف كذّاب ، وفي آية أُخرى : ( كَذلِكَ يُضِلُّ اللّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرتَاب ) (٢) فإضلاله نفس عدم هدايته وقبض فيضه لعدم قابليته للهداية الثانوية لأجل إسرافه وكذبه وارتيابه.
الآية الرابعة : الهلاك والحياة بعد إقامة البيّنة
قال سبحانه : ( إِذْ أَنْتُمْ بِالعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالعُدْوَة القُصوى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَو تَواعَدْتُّمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي المِيعادِ وَلكِنْ لِيَقضِيَ اللّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَة وَيَحيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَة وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيم ). (٣)
والاستدلال بالآية فرع توضيح مفرداتها ومقاطعها :
١. ( العدوة ) بمعنى الناحية من كلّ شيء ، والمراد منها في الآية ناحية الوادي ، فكان النبي والمسلمون في الناحية المنخفضة من الوادي ، ولذلك وصفها سبحانه بقوله : ( بِالعُدْوَة الدُّنيا ) وهي الأدنى ، كما كانت قريش في الناحية العليا منه ، لأنّ الوافد من مكة إلى المدينة إذا وصل إلى قريب من وادي بدر تنخفض الأرض لأجل قربها من ساحل البحر.
٢. ( الركب ) جمع الراكب ، والمراد منه العير ، وهي قافلة قريش التجارية التي كان يسوقها أبو سفيان فكانت على ساحل البحر الذي هو أسفل من مقام الطائفتين الأُولتين.
٣. ( وَلَو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ) ، فهو يشير إلى أنّ اجتماع
____________
١. غافر : ٢٨.
٢. غافر : ٣٤.
٣. الأنفال : ٤٢.