ثمّ إنّ المحقّق النائيني صحح نسبة الرفع إلى الأُمور التسعة بأنّ الرفع تشريعي لا بالملاك الذي ذكرناه ـ من أنّ رفعها بملاك رفع آثارها ـ بل بملاك آخر وهو انّه ليس إخباراً عن أمر واقع ، بل إنشاء لحكم يكون وجوده التشريعي بنفس الرفع والنفي ، كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا ضرر ولا ضرار » ، وكقوله : « لا شكّ لكثير الشكّ » ونحو ذلك ممّا يكون متلوُّ النفي أمراً ثابتاً في الخارج. (١)
يلاحظ عليه مضافاً إلى ما ذكره السيد الأُستاذ ـ من أنّ النبي ليس بمشرع ، فلو استعمل النفي لغاية التشريع يلزم كونه مشرعاً (٢) ـ : أنّ ما ذكره خلاف المتبادر من أمثالها ، بل ربما يكون الحكم المنشأ غير واضح لدى العرف في مثل « لا رضاع بعد فطام » أو لا يمين للزوجة مع زوجها ، فالحقّ انّ الجملة خبرية والمصحح لنسبة الرفع كونها ناظرة إلى عالم التشريع والغاية من رفعها ، هو الإخبار عن رفع آثارها.
الثالث : ما هو المرفوع ثبوتاً
قد عرفت أنّ الرفع يتعلّق بالشيء الموجود المتحقّق ، وليس هو إلا نفس هذه الأُمور الوجودية فهي مرفوعة ادّعاء ، لكن الرفع الادّعائي رهنُ وجود رفع أمر حقيقة ليكون مسوِّغاً للرفع الادّعائي المجازي ، وهذا ما نعبر عنه بما هو المرفوع ثبوتاً.
وبالجملة تارة يقع الكلام في تعيين ما هو المرفوع إثباتاً ، وأُخرى ما هو المرفوع ثبوتاً الذي هو المصحح للرفع الإثباتي؟ فنقول :
أمّا إثباتاً ، فلا شكّ انّ مقتضى البلاغة ، هو تعلّق الرفع بنفس هذه الأُمور
__________________
١. فوائد الأُصول : ٣ / ٣٤٣.
٢. تهذيب الأُصول : ٢ / ١٤٨.