الرابع : عموم الموصول للحكم والموضوع المجهولين
قد عرفت أنّ المجوّز لنسبة الرفع إلى الأُمور التسعة ادّعاءً ، هو رفع جميع الآثار الشرعية حقيقة بلا ادّعاء ، من غير فرق بين كون الحكم الشرعي كلياً ، كما في الشبهات الحكمية ؛ أو جزئياً ، كما في الشبهات الموضوعية ، ولكن ربما يتصور اختصاصه بالأمر الثاني وعدم عمومه بالأوّل ، وهذا ما ندرسه في هذا الأمر ، وعلى ثبوت هذا الأمر تدور دلالة الصحيحة على البراءة في الشبهة الحكمية وعدمها.
وقد استدل الشيخ الأعظم (١) بها على المقام بالنحو التالي : إنّ حرمة شرب التتن مثلاً ممّا لا يعلمون ، فهي مرفوعة عنهم ، ومعنى رفعها كرفع الخطأ والنسيان ، رفع آثاره أو خصوص المؤاخذة فهو كقوله عليهالسلام : « ما حجب اللّه علمه عن العباد فهو موضوع عنهم ». وقال المحقّق الخراساني : الإلزام المجهول ممّا لا يعلمون ، فهو مرفوع فعلاً وإن كان ثابتاً واقعاً.
ثمّ إنّ هنا محاولات لتخصيص الحديث بالموضوع وإخراج الجهل بالحكم عنها ، وإليك بيانها واحدةً تلو الأُخرى.
١. وحدة السياق
إنّ وحدة السياق تقتضي أن يكون المراد من الموصول « فيما لا يعلمون » هو الموضوع المجهول كالمائع المردّد بين الخمر والخل ، بشهادة أنّه المراد من الموصول في الفقرات المعطوفة ، أعني : « وما لا يطيقون » و « ما اضطروا إليه » ، فانّ ما لا يطاق ، أو ما يضطرّ إليه الإنسان ، عبارة عن الفعل كالصوم للشيخ والشيخة
__________________
١. الفرائد : ١٩٥ بتوضيح.