الأمر الثامن : المرفوع هو المترتب على فعل المكلّف
إنّ المرفوع هو الأثر المترتب على فعل المكلّف ، لأنّ هذه العناوين ممّا لا تعرض إلا على فعله ، فلو ترتب أثر على فعله فهو مرفوع ، وأمّا إذا كان الأثر مترتباً على وجود الشيء كالنجاسة بواسطة ملاقاة ، جسم لجسم ، فلا يرتفع به ، فلو أُكره على شرب الخمر ترتفع الحرمة دون نجاسة ملاقيه من اليد والفم ، أو أكره على الزنا ، فالأثر المترتب على فعله من حرمة التزويج إذا كانت محصنة مرتفعة بشرط أن يكون كلّ مكرهاً عليه ، وبذلك يعلم انّه لو أكره على ترك الفريضة أو اضطر إلى الترك ، لا يسقط القضاء ، لأنّه مترتب على الفوت بما هو هو لا بما هو فعل المكلّف ، فلو نام عن فريضة فعليه القضاء مضافاً إلى وجود الملاك. ولا ينافيه قوله : « رفع القلم عن ثلاثة ... النائم حتى يستيقظ ».
هذه هي الأُمور الكلية التي تسلط الضوء على المقصد إذا عرفتها ، فنقول يقع الكلام في مقامين :
المقام الأوّل : في عنواني « ما لا يعلمون » و « النسيان »
قد عرفت أنّ المرفوع جدّاً هو عموم الآثار الشرعية ، وعلى ذلك كما يكون الحكم التكليفي مرفوعاً بالجهل والنسيان ، كذلك يكون الحكم الوضعي ، كالجزئية والشرطية مرفوعاً بهما أيضاً.
فلو جهل بحرمة الشيء ـ بعد الفحص عن مظانّه أو نسي الحكم الشرعي ـ فارتكبه فلا يترتب عليه شيء; فلو نذر أن يصلّي الغفيلة فنسيها ، ولم يصل لا يترتب عليه الحنث. وأمّا لزوم القضاء ، فالبحث عن لزومه وعدمه يطلب لنفسه مجالاً آخر.