إكمال
لا يخفى انّ مفاد ما مرّ من الآيات السابقة ، مفاد البراءة العقلية من قبح العقاب بلا بيان فلو تم دليل الأخباري على لزوم الاحتياط يكون وارداً على أدلّة الأُصولي ، إنّما الكلام في مفاد حديث الرفع ، فهل مفاده نفس مفاد البراءة العقلية ، أو انّ مفاده رفع الواقع المجهول سواء أكان حكماً أم موضوعاً ومعنى ذلك أنّ المكلّف في سعة من جانبه وليس له أيّ حرج من جانبه ، فلو دل دليل على لزوم الاحتياط وانّ المكلّف مأخوذ من جانب الحكم المجهول يقع التعارض بينهما.
وعلى ضوء هذا ، يجب إمعان النظر في مفاد كلّ دليل يقام على البراءة ، فهل يتحد مفاده مع مفاد البراءة العقلية أو لا؟
٢. حديث الحجب
روى الكليني ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن فضال ، عن داود بن فرقد ، عن أبي الحسن زكريا بن يحيى ، عن أبي عبد اللّه عليهالسلام قال : « ما حجب اللّه عن العباد ، فهو موضوع عنهم ». (١)
ومحمد بن يحيى شيخ الكليني ثقة ، يروي عن شيخه أحمد بن محمد بن عيسى ، وهو ثقة جليل ؛ يروي عن ابن فضال ، وهو الحسن بن علي بن فضال من أصحاب الإمام الهادي والعسكري عليهماالسلام ، كوفي ثقة ، وهو شيخ أبي النضر محمد بن مسعود العياشي قال التلميذ : فما لقيتُ بالعراق وناحية خراسان أفقه ولا أفضل من الحسن بن علي بالكوفة (٢) ؛ وهو يروي عن داود بن فرقد الثقة ؛ وهو يروي عن زكريا بن يحيى هو الواسطي ، قال النجاشي : إنّه ثقة. والحديث لا غبار عليه ، لكن
__________________
١. الكافي : ١ / ١٦٤ ، باب حجج اللّه على خلقه ، الحديث ٣.
٢. رجال النجاشي : ١ / ١٢٧ ، برقم ٧١.