الثالث : الاستدلال بالإجماع
إنّ دعوى الإجماع على البراءة على وجوه :
الأوّل : ادّعاء إجماع العلماء من المجتهدين والأخباريين على أنّ الحكم فيما لم يرد فيه نهي لا بعنوان أوّلي ولا بعنوان ثانوي ، أي كونه مجهول الحكم ، هو البراءة.
وهذا النوع من الادّعاء صحيح كبرى وباطل صغرى ، لأنّ الأخباري يدّعي ورود النهي بعنوان ثانوي.
الثاني : تحصيل الإجماع المحصل على البراءة في مشتبه الحرمة من تتبّع الفتاوى في موارد الفقه من عصر ثقة الإسلام الكليني إلى زماننا هذا ، وقد نقل الشيخ شيئاً من كلماتهم.
الثالث : الإجماعات المنقولة في كلمات الصدوق والحلّي كما نقلها الشيخ.
الرابع : الإجماع العملي وسيرة المسلمين على الارتكاب حتى يدل دليل على الحرمة ، وأمر غير بعيد ويظهر من غير واحد من الآيات (١). انّ شأن النبي هو التنصيص على المحرمات دون المحللات وعلى ذلك درج المسلمون بعد رحيله ، فلا يتوقفون في الارتكاب عند الشكّ إلا بعد العلم بالحرمة إلى أن ظهر الأمين الاسترابادي فطرح هذه المشتبهات.
ويرد على الجميع : انّ الاعتماد على الإجماع في مثل هذه المسألة مشكل ، لاحتمال استناد المجمعين على الأدلة النقلية والعقلية ، فيكون الإجماع مدركياً غير مفيد لشيء ، كما هو في الإجماع المنقول.
__________________
١. ( قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِليَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِم يَطْعَمُهُ إِلاّ أن يكونَ مَيْتَةً أَوْ لَحْمَ خِنْزِير أَوْ دَماً مَسْفُوحاً بِهِ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْر باغ وَلا عاد فَإنَّ رَبّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ). ( الأنعام : ١٤٥ ).