الثاني : الآيات الآمرة بالتقوى
دلّت الآيات على لزوم التقوى بقدر الوسع والطاقة والاستطاعة قال سبحانه : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلاتَمُوتُنَّ إِلاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون ) (١). وقال تعالى : ( فَاتَّقُوا اللّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيراً لأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون ). (٢)
وجه الدلالة : انّ الاجتناب عن محتمل الحرمة من التقوى ، وكلّ ما كان كذلك واجب بحكم الأمر بها فينتج : الاجتناب عن محتمل الحرمة واجب.
يلاحظ عليه : منع كلّية الكبرى ، أي كلّ ما كان من مصاديق التقوى هو واجب ، لأنّ التقوى يستعمل تارة في مقابل الفجور ، وبما انّ الثاني حرام يكون الأوّل واجباً ، قال سبحانه : ( أَمْ نَجْعَلُ المُتَّقينَ كَالفُجّار ) (٣) ، ( فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها ) (٤). وأُخرى في كلّ مرغوب سواء كان واجباً أم مستحباً ، قال سبحانه : ( وَتَزوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزاد التَّقْوى ) والإتيان بالمستحبات وترك المكروهات كلّها من مراتب التقوى ، مع انّهما غير واجبين. وممّا يدل على انّ التقوى ليس خصوص الإتيان بالواجبات والاجتناب عن المحرمات بل الأعم منهما قوله سبحانه : ( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ ) (٥) فقد كانت الهداية الأُولى غير منفكة عن التقوى ومع ذلك ، يقول سبحانه : ( وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ ) بعد زيادة الهداية.
__________________
١. آل عمران : ١٠٢.
٢. التغابن : ١٦.
٣. ص : ٢٨.
٤. الشمس : ٨.
٥. محمد : ١٧.