يلاحظ عليه : أنّ ما ذكره لا يتجاوز عن بيان الفرق بين المسألتين وهو غير منكر ، وأمّا انّه يجب مراعاة احتمال المزية في المتزاحمين دون المقام فلم يُبيِّن وجهه ، والحقّ انّ العقل لا يستقل بالتساوي إذا كان أحد الطرفين أقوى احتمالاً أو محتملاً.
وإن شئت قلت : كما لا يحكم العقل بتساوي المرجوح القطعي مع الراجح القطعي كذلك لا يحكم بتساوي المرجوح احتمالاً مع الراجح احتمالاً ، من غير فرق بين أن يكون الحكم ثابتاً والأهمية محتملة ، أو يكون كلاهما محتملين ، غاية الأمر على فرض ثبوت الحكم فأهميته محتملة.
المقام الثاني : في دوارن الأمر بين المحذورين في التعبديات
كان الكلام في المقام الأوّل في دوران الأمر بين المحذورين مع كون الحكمين توصليين ، وقد عرفت الأقوال وجريان الأُصول سوى الإباحة ، وأمّا إذا كان أحد الحكمين أو كلاهما تعبديين كصلاة المرأة في أيام الاستظهار ، فلو كانت حائضاً حرمت العبادة ، حرمة توصلية وأمّا إذا كانت طاهراً وجبت الصلاة وجوباً تعبدياً ، فقد ذهب الشيخ إلى أنّ محل الأقوال السابقة ما لو كان كلّ من الوجوب والحرمة توصليين بحيث يسقط بمجرّد الموافقة ، وأمّا لو كانا تعبديين محتاجين إلى قصد امتثال التكليف وكان أحدهما المعيّن كذلك ، لم يكن إشكال في عدم جواز طرحهما والرجوع إلى الإباحة لأنّه مستلزم للمخالفة القطعية.
توضيح ذلك : كان الكلام فيما سبق منصبّاً فيما لو كانت الموافقة القطعية كالمخالفة القطعية ممتنعة ، وأمّا المقام فالموافقة القطعية وإن كانت ممتنعة ، لكن المخالفة القطعية ممكنة ، فلو صلّت بلا نيّة القربة فقد أتت المبغوض ، إذ لو كانت طاهرة فصلاتها باطلة ، ولو كانت حائضاً فقد ارتكبت الحرام بناء على أنّ صورة