الأصل الثالث :
أصالة الاحتياط
وقبل الدخول في المقصود نذكر أُموراً :
الأمر الأوّل : انّ حصر الأُصول العملية العامّة في الأربعة ، استقرائي ، وحصر مجاريها في الأربعة عقلي ، لكن اختلفت كلمة الشيخ في بيان المجاري ، فقرّره في أوّل رسالة القطع بوجهين مختلفين ، كما قرره في أوّل رسالة البراءة بوجه ثالث ، فلأجل دراسة الفرق بين الشكّ في التكليف والشكّ في المكلّف به ، نأتي بالبيانين الواردين في أوّل رسالة القطع ثمّ نذكر فيها البيان الثالث قال قدسسره :
انّ الشكّ إمّا أن تلاحظ فيه الحالة السابقة أو لا ، وعلى الثاني ، إمّا أن يمكن الاحتياط أو لا ، وعلى الأوّل إمّا أن يكون الشكّ في التكليف أو في المكلّف به ، فالأوّل مجرى الاستصحاب ، والثاني مجرى التخيير ، والثالث مجرى البراءة ، والرابع مجرى الاحتياط.
ففي هذا التعريف عدّ مجرى التخيير قسيماً لمجرى الشكّ في التكليف والشكّ في المكلّف به ، فمورده ، دوران الأمر بين المحذورين الذي تمتنع فيه الموافقة القطعية ، فهو ليس من قبيل الشكّ في التكليف ولا في الشكّ في المكلّف به.
بخلاف التعريف الثاني ، فانّه جعل مجرى الاحتياط من أقسام مجرى الشكّ في المكلّف به ، وقسمه إلى ما لا يمكن الاحتياط فيه ، وما يمكن ، والأوّل مجرى