الوجه الثاني : ما دلّ على العفو يحمل على ما إذا لم يرتكب شيئاً من المقدمات وحمل ما دلّ على ترتّب العقوبة إذا اشتغل ببعض المقدمات.
أقول : إنّه جمع تبرعي وعلى خلاف إطلاق روايات الصنف الثاني.
الوجه الثالث : ما ذكره المحقّق الخوئي من حمل الروايات الدالة على ترتّب العقاب على ما إذا قصد ارتكاب الحرام الواقعي وإن لم يرتكبه فلا صلة لها بقصد الحرام الخيالي وما يعتقده المكلّف حراماً ، مع عدم كونه حراماً في الواقع كما في التجرّي. (١)
يلاحظ عليه : أنّ معنى ذلك هو حمل الصنف الثاني على خصوص التجري وحمل هذه الروايات الكثيرة عليه بعيد جداً.
أضف إلى ذلك انّ كلاً من العاصي والمتجري قاصد للحرام الواقعي وإنّما الخطأ في التطبيق.
وبعبارة أُخرى تعلقت الإرادة بالحرام ، فالمراد بالذات هو الحرام الواقعي ، وإنّما يختلفان في الحرام بالعرض.
قد عرفت أنّ التجرّي بما هو مخالفة للحجّة ليس بقبيح غير انّ صاحب الفصول ذهب إلى قبحه ، ولكن إذا تحقّق التجرّي في ضمن الواجب غير المشروط بالقربة تقع المزاحمة بين قبح التجرّي وحسن المتجرّى به ، كما إذا عثر على إنسان قطع انّه عدو المولى فلم يقتله فبان انّه ابنه.
أورد عليه المحقّق الخراساني بأنّه لا وجه لهذه المزاحمة ، لأنّ المفروض عدم علمه به ولا يكاد أن يؤثر شيئاً بدونه حيث لا يكون حينئذ بهذا الوجه اختيارياً
__________________
١. مصباح الأُصول : ٢ / ٩٢.