فمن قائل بأنّه علّة تامّة بالنسبة إلى المخالفة القطعية والاحتمالية ، ولذلك اختار القول الأوّل.
إلى آخر قائل بأنّه علّة تامّة بالنسبة إلى المخالفة القطعية فلا تجوز ، ومقتض بالنسبة إلى المخالفة الاحتمالية فلا تجوز الأُولى دون الثانية ، وللشارع جعل حكم ظاهري مؤد إلى المخالفة الاحتمالية.
إلى ثالث بأنّه مقتض بالنسبة إلى كلتا المخالفتين ، فيجوز للشارع جعل حكم ظاهري مؤدّ إلى كلتيهما. وعلى هذه المباني تدور الأقوال الثلاثة.
وعلى كلّ تقدير يقع الكلام في مقامين.
المقام الأوّل : إمكان جعل الترخيص ثبوتاً
إنّ المحقّق الخراساني قد قسّم متعلّق العلم إلى قسمين ، لا يجوز في أحدهما جعل الترخيص عقلاً بخلاف الآخر ، فقال ما هذا حاصله :
إنّ التكليف المعلوم إجمالاً على قسمين :
١. ما كان التكليف فعلياً من جميع الأبواب بأن يكون واجداً لما هو العلّة التامة للبعث أو الترك الفعليّين مع ما هو من الإجمال والتردّد كقتل المؤمن وإراقة دمه بلا وجه ، فلا محيص عن تنجزه وصحّة العقوبة على مخالفته ، وحينئذ لا تشمل أدلّة الأُصول أطراف مثل هذا العلم ، لاستلزامه التناقض بين التشريعين. (١)
٢. ما كان فعليّاً من سائر الجهات ، ولا يكون فعليّاً مطلقاً إلا إذا تعلّقبهالعلم التفصيلي ، بحيث لو علم تفصيلاً لوجب امتثاله وصحّ العقابعلى مخالفته ، ففي هذه الصورة لم يكن هناك مانع عقلاً ولا شرعاً عن شمول أدلّة البراءة الشرعية للأطراف ، نظير الأموال المخلوطة بالرباء ، أو إبل
__________________
١. الوسائل : الجزء ١٢ ، الباب ٥ من أبواب ما فيه الربا ، الحديث ٣ ؛ والباب ٥٢ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٥ ؛ والباب ٤ من هذه الأبواب ، الحديث ٢١.