المقام الثاني : في وقوع الترخيص
قد عرفت إمكان جعل الترخيص في أطراف العلم الإجمالي وعدم وجود مانع عقلي ، إنّما الكلام في وقوعه. وقبل الخوض في بيان مقدار دلالة الأُصول نبيّن ما هو مقتضى الأدلة الاجتهادية حتى يكون هو المتبع عند عدم الدليل على الخلاف.
لا شكّ انّ مقتضى إطلاق الدليل عدم الفرق بين العلم التفصيلي والعلم الإجمالي. لأنّ إطلاق قوله : « اجتنب عن الخمر » يشمل الأفراد الثلاثة : المعلوم تفصيلاً ، وإجمالاً ، والمصداق الواقعي المشكوك في الظاهر ، لكن دلّ الدليل على وجوب الاجتناب في الصورة الثالثة ، بقي القسمان تحته ، وإلى ذلك يشير شيخنا الأعظم بقوله : بوجود المقتضي للحرمة وعدم المانع عنه ، فقال :
أمّا ثبوت المقتضي فلعموم دليل تحريم ذلك العنوان المشتبه ، فانّ قول الشارع : « اجتنب عن الخمر » يشمل الخمر الموجود المعلوم المشتبه بين الإناءين ، ولا وجه لتخصيصه بالخمر المعلوم تفصيلاً ، وأمّا عدم المانع فلأنّ العقل لا يمنع من التكليف عموماً أو خصوصاً بالاجتناب عن عنوان الحرام المشتبه في أمرين أو أُمور.
إذا عرفت مقتضى الدليل الاجتهادي فلنبحث في وقوع الترخيص في أحد الطرفين أو كليهما في الشرع.
١. الترخيص بالاستصحاب
ذهب الشيخ الأعظم إلى عدم شمول أدلّة الاستصحاب لأطراف العلم الإجمالي ، وإلا تلزم مناقضة صدرها مع ذيلها ، وقال في توضيحه ما هذا لفظه : إنّ العلم الإجمالي بانتقاض أحد الضدين يوجب خروجها عن مدلول لا تنقض ، لأنّ