وثانياً : أنّ الجمع بين الأوامر الضمنية الحقيقية والأمر الاستقلالي جمع بين المخالفين ، فانّ الأمر الاستقلالي المتعلّق بالعنوان الوحداني يتوقف على ملاحظة الأجزاء فانية في العنوان ولا تتوجه النفس إلا إلى العنوان ، ولكن تعلّق الأمر الضمني بكلّ جزء يلازم لحاظ كلّ واحد من الأجزاء مستقلاً غير فان في العنوان وهما لا يجتمعان.
والحاصل : أنّ الأمر الضمني في هذا التقرير ليس أمراً وهميّاً بل أمر واقعي ، والجمع بينه وبين الأمر الاستقلالي جمع بين لحاظين مختلفين ، فتعلّق الأمر الاستقلالي رهن فناء الأجزاء في العنوان وعدم لحاظها إلا فانية فيها ، لكن تعلّق الأمر الضمني رهن لحاظ الأجزاء مستقلة كلّ واحدة تلو الأُخرى.
وهذا التقرير سمعناه من سيد مشايخنا المحقّق البروجردي في بحث الصلاة والفرق بينه وبين التقرير السابق واضح. وهناك تقرير ثالث للقول بالبراءة العقلية أبدعه سيدنا الأُستاذ بترتيب مقدّمات مختلفة ، ونأتي به في ضمن أمرين.
الثالث : الأقل واجب نفسيّاً
وهذا الوجه ممّا أبدعه سيدنا الأُستاذ ، وتوضيحه مبني على مقدّمات نأتي بملخّصها :
المقدّمة الأُولى : انّ المركب إمّا حقيقي أو صناعي أو اعتباري ، ففي الأوّل تتفاعل الأجزاء بعضها مع بعض وتخرج الأجزاء عن الاستقلال والفعلية ويحصل من التفاعل صورة وحدانية تفنى فيها الأجزاء ولا يبقى لها فعلية.
وهذا كالمحاليل الكيمياوية والمعاجين فانّ أجزاءها تفقد فعليّتها ويؤثّر كلّ في الآخر بنفي صورته ويحصل من ذلك التفاعل ، صورة ثالثة تعرف بها ، كالماء المركب من جزءين هما الاوكسجين والهيدروجين ، وكالملح المركب من