الثاني : ان فقهاء الشيعة حضروا الأدلة في الأربعة ، الكتاب والسنة والإجماع والعقل ولم يُعيروا أهمية للقياس والاستحسان والمصالح المرسلة وغيرها ، ولنأت بنصّ من قدماء الطائفة يعرف عن انحصار الأدلة عندهم في الأربعة.
يقول ابن إدريس الحلي ( ٥٤٣ ـ ٥٩٨ ) : انّ الحقّ لا يعدو أربع طرق : امّا كتاب الله سبحانه ، أو سنة رسول الله صلىاللهعليهوآله المتوارتة المتفق عليها ، او الإجماع ، أو دليل العقل ، فإذا فقد من الثلاثة فالمعتمد في المسائل الشرعية عند المحققين الباحثين عن مأخذ الشريعة ، التمسك بدليل العقل فيها ، فانّها مبقاة عليه وموكولة إليه ، فمن هذا الطريق يوصل إلى علم بجميع الأحكام الشرعية في جميع مسائل أهل الفقه ، فيجب الاعتماد عليها والتمسّك بها فمن تنكب عنها عصف وخبط خبط عشواء وفارق قوله من المذهب. (١)
الثالث : الإدراك العقلي ينقسم إلى إدراك نضري وإدراك عملي ، فألاوّل إدراك ما ينبغي أن يعلم كإدراك وجود الصانع وصفاتهوأفعاله وغير ذلك والثاني غدراك ما ينبغي أن يعمل كإدراكه حسن العدل وقبع الظلم ووجوب ردّ الوديعة وترك الخيانة فيها ، والمقصم هو الإدراك ، فهو ينقسم إلى نظري وعملي وربما يتوسع فيقسم العقل إلى قسمين :
ثمّ إن المتكلّم يعتمد على العقل في المسائل النظرية التي نعبّر عنها بالعقائدية فاعقل هو الذي يعرف به العبد إلهه سبحانه وصفاته وأفعال ، كما انّ الفقيه يعتمد على العقل في المسائل العلمية التي نعبّر عنها بالأحكام الشرعية.
إذا عرفت هذا فلنذكر المجالات التي يعتمد فيها الفقيه على العقل العملي.
ــــــــــــــــ
١. السرائر : ١ / ٤٦.