ضوء هذا البيان ، ظهر الفرق بين المسائل الأصولية والقواعد الفقهية ؛ فان الأحكام المستفادة من القواعد الفقهية ، سواء كانت مختصة بالشبهات الموضوعية كقاعدة الفراغ واليد والحلية ونحوها ، أم كانت تعم الشبهات الحكمية أيضاً كقاعدتي لا ضرر ولا حرج بناء على جريانهما في موارد الضرر أو الحرج النوعيّ ، وقاعدتي ما يضمن وما لا يضمن وغيرها ، إنما هي من باب تطبيق مضامينها بأنفسها على مصاديقها ، لا من باب الاستنباط والتوسيط ، مع أن نتيجتها في الشبهات الموضوعية نتيجة شخصية. هذا والصحيح انه لا شيء من القواعد الفقهية تجري في الشبهات الحكمية ، فان قاعدتي نفي الضرر والحرج لا تجريان في موارد الضرر أو الحرج النوعيّ ، وقاعدة ما يضمن أساسها ثبوت الضمان باليد مع عدم إلغاء المالك لاحترام ماله ؛ فالقواعد الفقهية نتائجها أحكام شخصية لا محالة.
وعلى كل حال فالنتيجة هي ان القواعد الفقهية من حيث عدم توفر هذا الشرط فيها ، غير داخلة في المسائل الأصولية.
وعلى هذا الأساس ، ينبغي لك ان تميز كل مسألة ترد عليك انها مسألة أصولية أو قاعدة فقهية ؛ لا كما ذكره المحقق النائيني (قده) من ان نتيجة المسألة الفقهية ، قاعدة كانت أو غيرها ، بنفسها تلقى إلى العامي غير المتمكن من الاستنباط وتعيين الوظيفة في مقام العمل ، فيقال له : (كلما دخل الظهر وكنت واجداً للشرائط ، فقد وجبت عليك الصلاة) فيذكر في الموضوع تمام قيود الحكم الواقعي ، فيلقى إليه. وهذا بخلاف نتيجة المسألة الأصولية فانها بنفسها لا يمكن ان تلقى إلى العامي غير المتمكن من الاستنباط ، فان إعمالها في مواردها وظيفة المجتهدين دون غيرهم. نعم الّذي يلقى إليه هو الحكم المستنبط من هذه المسألة لا هي نفسها. وذلك لأن ما أفاده (قده) بالقياس إلى المسائل الأصولية وان كان كما أفاد ، فان إعمالها في مواردها وأخذ النتائج منها من وظائف المجتهدين ، فلاحظ فيه لمن سواهم ؛ إلا ان ما أفاده (قده) بالإضافة إلى المسائل الفقهية غير تام على إطلاقه ؛ إذ رب مسألة