في العلقة الوضعيّة فالعلقة مختصة بصورة خاصة وهي ما إذا أراد المتكلم تفهيم المعنى باللفظ [١].
__________________
[١] وأورد بعض الأعاظم ـ قده ـ على ما قرره بعض مقرري بحثه على انحصار الدلالة الوضعيّة بالدلالة التصديقية إيراداً رابعاً وملخصه هو «ان الانحصار يستلزم ان يكون اللفظ موضوعاً لمعنى مركب من معنى اسمي ومعنى حرفي كما إذا قيد المعنى الاسمي بإرادة المتكلم على كيفية دخول التقيد وخروج القيد ، وهذا مخالف لطريقة الوضع المستفادة من الاستقراء ، فانه بحسبه لم يوجد في اية لغة لفظ واحد موضوع لمعنى مركب من معنى اسمي وحرفي هذا» ويرده :
(أولا) : ان الاختلاف بين المعنى الحرفي والاسمي كما عرفت اختلاف بالذات والحقيقة لا باللحاظ الآلي والاستقلالي. فالمعنى الحرفي حرفي وان لوحظ استقلالا ، والمعنى الاسمي اسمي وان لوحظ آلياً ، وقد اعترف هو ـ قده ـ أيضاً بذلك. وعليه فالإرادة معنى اسمي وان لوحظت آلة ، ولا تنقلب بذلك عن المعنى الاسمي إلى المعنى الحرفي حتى يلزم وضع اللفظ لمعنى مركب من معنى اسمي وحرفي. على انك قد عرفت ان المعنى الحرفي كالمعنى الاسمي ملحوظ استقلالا لا آلياً فلا وجه حينئذ لتخصيص الإيراد بصورة أخذ الإرادة قيداً لا جزء ، الا ان يكون مراده من المعنى الحرفي نفس التقيد بالإرادة لا نفس الإرادة ، فانه معنى حرفي ولكنه مدفوع أولا بالنقض بوضع الألفاظ للمعاني المركبة أو المقيدة ، فان معانيها متضمنة للمعنى الحرفي لا محالة ، إذ كل جزء مقيد بجزء آخر فالتقيد معنى حرفي. وثانياً انه لا مانع من وضع لفظ لمعنى مركب من معنى اسمي وحرفي إذا دعت الحاجة إليه ، فإذا فرض ان الغرض تعلق بوضع الألفاظ للمعاني المقيدة بإرادة المتكلم فلا مانع من وضع الألفاظ لها كذلك ، إذا الوضع فعل اختياري للواضع فله ان يقيد المعنى الموضوع له بقيود شاء ولا محذور فيه ، والاستقراء المدعى في كلامه ـ قده ـ لو تم فلا يدل على استحالة ذلك الوضع على ان ذلك لو تم فانما يتم إذا كان الواضع من أهل كل لغة واحداً أو جماعة معينين ليثبت له الطريقة الخاصة في الوضع التي فرض عدم جواز التخلف عنها ، إلا انه فرض في فرض.
(وثانياً) : انه لا أساس لذلك الإيراد ـ أصلا ـ فانه مبتن على أخذ الإرادة في المعنى الموضوع له ، واما إذا لم تؤخذ فيه أبداً ، بل كانت مأخوذة في العلقة الوضعيّة فلا مجال لذلك الإيراد