ولم ينقل حتى بخبر الواحد ، وذلك لعدم المانع منه ، مع توفر الداعي على نقله وليس الوضع كمسألة الخلافة ونحوها لتوفر الدواعي هناك على إخفائها وكتمانها ، دونه.
وأما الوضع التعييني بمعنى آخر بان يكون الوضع متحققاً بنفس الاستعمال كما ذكره المحقق صاحب الكفاية ـ قده ـ فيقع الكلام في إمكانه أولا ، وفي وقوعه ثانياً ، فهنا مقامان :
اما الكلام في المقام الأول فقد اختار شيخنا الأستاذ ـ قده ـ عدم إمكانه ، بدعوى أن حقيقة الاستعمال إفناء اللفظ في المعنى وإلقاء المعنى في الخارج ، بحيث تكون الألفاظ مغفولا عنها ، فالاستعمال يقتضى أن يكون النّظر إلى الألفاظ آلياً ، والوضع يستدعى أن يكون النّظر إلى الألفاظ استقلالياً ، فالجمع بين الوضع والاستعمال في شيء يلازم الجمع بين اللحاظ الآلي والاستقلالي. وهو غير معقول.
والتحقيق ان الوضع سواء كان بمعنى التعهد والالتزام النفسانيّ ، أو بمعنى اعتبار نفساني على تمام أنحائه في مرتبة متقدمة على الاستعمال. اما على الأول فواضح ضرورة ان التعهد والتباني بذكر لفظ خاص عند إرادة تفهيم معنى ما يكون مقدماً على الاستعمال لا محالة من دون فرق بين أن يكون إبراز هذا التعهد بمثل كلمة وضعت ، أو نحوها الدالة على التعهد بالمطابقة ؛ أو يكون المبرز نفس الاستعمال الدال على ذلك بالالتزام بمعونة القرينة. واما على الثاني فلان اعتبار الملازمة ، أو نحوها بين لفظ خاص ومعنى ما مقدم على الاستعمال بالضرورة ، وان كان المبرز لذلك الاعتبار نفس الاستعمال مع نصب القرينة على ذلك وكيف كان فالاستعمال متأخر عن الوضع لا محالة.
ونظير ذلك الهبة ، فانه تارة يبرزها بجملة (وهبتك) الدالة عليها بالمطابقة وأخرى يبرزها بجملة (خذ هذا الثوب) ـ مثلا ـ الدالة عليها بالالتزام.