مقام الإثبات مجال وإن لم يمكن تصويره إلا على أحد القولين دون الآخر فلا مناص من الالتزام بذلك القول.
فعلى ذلك يقع الكلام في مقامين :
(الأول) : في تصوير الجامع بين الافراد الصحيحة فقط.
(الثاني) : في تصويره بين الأعم من الصحيحة ، والفاسدة.
اما الكلام في المقام الأول فقد ذهب المحقق صاحب الكفاية ـ قده ـ إلى ان وجود الجامع بين الأفراد الصحيحة مما لا بد منه ، وقد استدل على ذلك بقاعدة فلسفية وهي (ان الواحد لا يصدر إلا من الواحد) إذ لا بد من السنخية بين العلة ، ومعلولها والواحد بما هو واحد لا يعقل مسانخته للكثير بما هو كثير ، إذاً لا بد من الالتزام بان العلة هو الجامع بين الكثير وهو أمر واحد ، ثم طبق ـ قده ـ هذه القاعدة على المقام بتقريب ان الافراد الصحيحة من ال «صلاة» ـ مثلا ـ تشترك جميعها في أثر وحداني وهو النهي عن الفحشاء والمنكر بمقتضى قوله تعالى : (الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) كما هي تشترك في انها عماد الدين ، ومعراج المؤمن ، كما في عدة من الروايات ، ولا يعقل أن يكون المؤثر في ذلك الأثر الوحداني جميع الأفراد الصحيحة على كثرتها لما عرفت من أن الواحد لا يسانخ الكثير فلا محالة يستكشف كشفاً قطعياً عن وجود جامع وحداني بين تلك الأفراد الصحيحة ، يكون هو المؤثر في ذلك الأثر الوحداني ، ومن هنا قال ـ قده ـ ان تصوير الجامع بين الأفراد الصحيحة بمكان من الإمكان بل هو ضروري دون الأعم ، لعدم تحقق صغرى هذه القاعدة على قول الأعمي وبدونها لا طريق لنا إلى كشف الجامع من ناحية أخرى.
ولكن لا يخفى ما فيما أفاده ـ قده ـ بل لم يكن يترقب صدوره منه ، وذلك من وجوه.
(الأول) : ان هذه القاعدة وان كانت تامة في العلل الطبيعية لا محالة ، دون