المقام الثاني في المعاملات
ويقع البحث عنه في مقامين :
(الأول) : فيما ذهب إليه المشهور من جواز التمسك بإطلاقات المعاملات من العقود ، والإيقاعات على كلا القولين ، ولا يختص الجواز باختيار الوضع للأعم ومن هنا تنتفي الثمرة المتقدمة في العبادات هنا.
(الثاني) : فيما ذكره جماعة منهم المحقق صاحب الكفاية ـ قده ـ من ان النزاع في المعاملات انما يجري فيما إذا كانت الألفاظ أسام للأسباب ، دون المسببات ، فان المسببات أمور بسيطة غير قابلة لأن تتصف بالصحّة ، والفساد ، بل هي تتصف بالوجود عند وجود أسبابها ، وبالعدم عند عدمها.
ولتحقيق الكلام في المقامين نقول :
أما المقام الأول فالأمر كما ذهب إليه المشهور من جواز التمسك بالإطلاقات حتى على القول بالصحيح ، والوجه في ذلك هو أن المعاملات أمور عرفية عقلائية وليست من الماهيات المخترعة عند الشارع المقدس ، وانما هي ماهيات قد اخترعها العقلاء قبل هذه الشريعة لتمشية نظام الحياة ، ثم لما جاء نبينا الأعظم صلىاللهعليهوآله لم يخالفهم في هذه الطريقة المستقرة عندهم ، ولم يجعل صلىاللهعليهوآله طرقاً خاصة لا بد للناس ان يمشي على طبق تلك الطرق ، بل ولم يتصرف فيها تصرفاً أساسياً ، بل أمضاها على ما كانت عندهم ، وتكلم بلسانهم فهو صلىاللهعليهوآله كأحدهم من هذه الجهة.
نعم قد تصرف صلىاللهعليهوآله فيها في بعض الموارد فنهى عن بعض المعاملات كالمعاملة الربوية ، وما شاكلها ، وزاد في بعضها قيداً ، أو جزء لم يكن معتبراً عند العقلاء كاعتبار البلوغ في المتعاقدين ، واعتبار الصيغة في بعض الموارد.
وعلى ذلك الأصل نحمل ما ورد في الشرع من الآيات والروايات كقوله تعالى