ومن هنا تفترق المعاملات عن العبادات ، فان العبادات حيث انها ماهيات مخترعة عند الشارع بجميع اجزائها ، وشرائطها فلو كانت موضوعة للصحيحة يمكننا التمسك بإطلاقاتها عند الشك في جزئية شيء ، أو شرطيته ، لاحتمال دخله في المسمى كما سبق. وهذا بخلاف المعاملات فانها ماهيات مخترعة عند العرف فلو شككنا في اعتبار شيء فيها شرعاً فيكون الشك في أمر زائد على ما كان معتبراً عندهم ، وفي مثله لا مانع من التمسك بالإطلاق ولو على القول بكونها موضوعة للصحيحة.
نعم لو شككنا في اعتبار شيء فيها عرفاً كاعتبار المالية ـ مثلا ـ أو نحوها فلا يمكننا التمسك بالإطلاق لعدم إحراز صدق البيع على فاقد المالية ، أو نحوها هذا بناء على القول بالصحيح. واما بناء على الأعم فلا مانع من التمسك بالإطلاق حتى إذا كان الشك في اعتبار شيء فيها عرفاً إلا فيما إذا كان الشك في دخله في المسمى.
وصفوة القول ان حال المعاملات عند العرف حال العبادات عند الشارع المقدس ، فكما أن ثمرة جواز الأخذ بالإطلاق ، وعدم جوازه تظهر بين القولين في العبادات ، فكذلك تظهر بينهما في المعاملات ، وإنما تنتفي الثمرة بين القولين فيها أي (المعاملات) لو شككنا في اعتبار جزء ، أو قيد فيها شرعاً ، لا عرفاً فانه يجوز حينئذ التمسك بالإطلاق مطلقاً حتى على القول بالوضع للصحيح ، كما مر.
وربما يورد بان حديث التمسك بالإطلاق في المعاملات انما يتم فيما لو كانت المعاملات أسامي للأسباب ، دون المسببات ، فانه حينئذ مجال للتمسك بإطلاق قوله تعالى (أحل الله البيع) (وتجارة عن تراض) ونحوهما لإثبات إمضاء كل سبب عرفي إلا ما نهى عنه الشارع. وأما لو كانت المعاملات أسامي للمسببات فالإمضاء الشرعي المتوجه إليها لا يدل على إمضاء أسبابها ، لعدم الملازمة بين إمضاء المسبب وهو المبادلة في البيع وما شاكلها ، وإمضاء السبب وهو المعاطاة أو الصيغة الفارسية ـ مثلا ـ ومن الواضح ان أدلة الإمضاء جميعاً من الآيات ، والروايات متجهة إلى