البيع ـ مثلا ـ اسماً للاعتبار المبرز في الخارج الممضى عند العقلاء ، لا للأعم منه ومن أن لا يكون ممضى عندهم ، فان الاعتبار إذا كان واجداً للشرائط كما إذا كان صادراً من العاقل ـ مثلا ـ فيقع مورداً لإمضائهم ، وإذا كان فاقداً لها كما إذا كان صادراً عن الصبي غير المميز ، أو المجنون ، أو الفضولي ، أو ما شاكل ذلك فلا يقع مورداً لإمضائهم. وعليه فلو شككنا في اعتبار أمر زائد على ما أمضاه العقلاء كاعتبار اللفظ ـ مثلا ـ أو العربية ، أو نحو ذلك فلا مانع من التمسك بالإطلاق ، لإثبات عدم اعتباره ، لأن الشك حينئذ في اعتبار أمر زائد على صدق اللفظ.
ومن هنا تفترق المعاملات عن العبادات ، فان العبادات بما انها ماهيات مخترعة من قبل الشارع المقدس فلو كانت موضوعة للصحيحة فلا يمكننا التمسك بإطلاق أدلتها ، لأن الشك في اعتبار شيء فيها جزء أو شرطاً يرجع إلى الشك في صدق اللفظ على الفاقد للشيء المشكوك فيه ، لاحتمال مدخليته في المسمى. وهذا بخلاف المعاملات ، فانها حيث كانت ماهيات مخترعة من قبل العقلاء ، لتنظيم الحياة المادية للبشر ، فلو كانت أسامي للصحيحة لم يكن مانع من التمسك بالإطلاق ، فان الصحيح عند العقلاء أعم مورداً من الصحيح عند الشارع.
وقد تحصل من ذلك ان نقطة الميز بين البابين التي توجب جواز التمسك بالإطلاق في باب المعاملات ولو كانت موضوعة للصحيحة ، وعدم جوازه في باب العبادات لو كانت كذلك هي ان الصحة التي هي محل البحث في المعاملات الصحة عند العقلاء ، وقد عرفت انها أعم عند الشارع ، والصحة التي هي محل البحث في العبادات الصحة عند الشارع ، فهذه هي النقطة الرئيسية للفرق بين البابين.
نعم تظهر الثمرة بين القولين في المعاملات أيضاً فيما إذ شك في اعتبار أمر عرفي فيها عند العقلاء جزء أو شرطاً ، كما إذا شك في اعتبار المالية في البيع كما هو مقتضى ظاهر تعريف المصباح ، أو في اعتبار شيء آخر عندهم ، فعلى القول