فانه لو كان بينها جامع ، لكان من سنخها لا من سنخ الأمر المقولي ، فلا كاشف عن أمر وحداني مؤثر في الغرض الواحد ، فان التأثير والتأثر إنما يكونان في الأشياء المتأصلة ، كالمقولات الواقعية من الجواهر والاعراض.
ورابعاً : ان موضوعات مسائل علم الفقه على أنحاء مختلفة :
فبعضها من مقولة الجوهر : كالماء والدم والمني ، وغير ذلك.
ونحو من مقولة الوضع : كالقيام والركوع. والسجود ، وأشباه ذلك.
وثالث من مقولة الكيف المسموع : كالقراءة في الصلاة ، ونحوها.
ورابع من الأمور العدمية : كالتروك في بابي الصوم والحج وغيرهما.
وقد برهن في محله انه لا يعقل وجود جامع ذاتي بين المقولات كالجواهر والاعراض ، لأنها أجناس عالية ومتباينات بتمام الذات والحقيقة ، فلا اشتراك أصلا بين مقولة الجوهر مع شيء من المقولات العرضية ، ولا بين كل واحدة منها مع الأخرى ؛ وإذا لم يعقل تحقق جامع مقولي بينها ، فكيف بين الوجود والعدم؟
وملخص ما ذكرناه أمران : الأول ـ انه لا دليل على اقتضاء كل علم وجود الموضوع ، بل سبق أن حقيقة العلم ، عبارة عن «جملة من القضايا والقواعد المختلفة بحسب الموضوع والمحمول ، التي يجمعها الاشتراك في الدخل في غرض واحد دعا إلى تدوينها علماً».
الثاني ـ ان البرهان قد قام على عدم إمكان وجود جامع مقولي بين موضوعات مسائل بعض العلوم كعلم الفقه والأصول.
وأما الكلام في الجهة الثانية ، فتفصيل القول فيها يحتاج إلى تقديم مقدمة وهي : ان المشهور قد قسموا العوارض على سبعة أقسام : فان العارض على الشيء ، أما أن يعرض ذلك الشيء ويتصف المعروض به بلا توسط أمر آخر ، كإدراك الكليات العارض للعقل ؛ أو بواسطة أمر آخر مساو للمعروض ، كصفة الضحك العارضة للإنسان بواسطة أمر مساو له وهو صفة التعجب ؛ أو هذه الصفة عارضة