الأنواع ليست ذاتية للأجناس وبالعكس ، لزم أن يكون البحث في العلوم عن العوارض الغريبة ، لوضوح ان نسبة موضوعات المسائل إلى موضوعات العلوم نسبة الأنواع إلى الأجناس ؛ كما ان البحث في عدة من مسائل هذا العلم عما يعرض لموضوعه بواسطة أمر أعم ، كمباحث الألفاظ والاستلزامات العقلية ؛ فان موضوع العلم خصوص الكتاب والسنة ، وموضوع البحث الأعم منهما ؛ إذاً بناء على ان عوارض الجنس ليست ذاتية للنوع ، يكون البحث فيهما عن العوارض الغريبة لموضوع العلم.
وملخص الكلام ان هذا الإشكال يبتنى على أمرين : الأول : أن يكون البحث في العلوم عن العوارض الذاتيّة لموضوعها.
الثاني : ان لا تكون عوارض النوع ذاتية للجنس وبالعكس.
ثم انهما يبتنيان على أمر واحد وأصل فارد وهو الالتزام بلزوم الموضوع في كل علم ، وإلا فلا موضوع لهذين الأمرين فضلا عن الإشكال.
وكيف كان ، فقد ذهب غير واحد من الاعلام والمحققين في التفصي عنه يميناً وشمالا ؛ منهم صدر المتألهين في الأسفار ؛ إلا ان جوابه لا يجدى إلا في المسائل الفلسفية فقط [١].
__________________
[١] قال : «نعم يلحق الشيء لأمر أخص وكان ذلك الشيء مفتقراً في لحوقه له إلى ان يصير نوعاً متهيّئاً لقبوله ليس عرضاً ذاتياً بل عرض غريب على ما هو المصرح به في كتب الشيخ وغيره. كما ان ما يلحق الموجود بعد أن يصير تعليمياً أو طبيعياً ، ليس البحث عنه من العلم الإلهي في شيء ، وما أظهر لك أن تفطن بان لحوق الفصول الطبيعية الجنس كالاستقامة والانحناء للخط ـ مثلا ـ ليس بعد أن يصير نوعاً متخصص الاستعداد ، بل التخصص إنما يحصل بها لا قبلها ، فهي مع كونها أخص من طبيعة الجنس أعراض أولية ...» (الأسفار الأربعة ج ١ ، فصل موضوع العلم الإلهي) وأوضحه بعض المحققين بما إليك نصه : «توضيحه : ان الموضوع في علم المعقول ـ مثلا ـ هو الموجود أو الوجود ، وهو ينقسم ـ أولا ـ إلى الواجب والممكن ،