ولكن على ضوء ما حققناه سابقاً يتضح لك انه لا أساس للإشكال المذكور فانه يبتنى على الالتزام بالأمرين المزبورين اللذين هما مبتنيان على أصل وأساس واحد ، وهو الالتزام بلزوم الموضوع في كل علم ، وقد سبق انه لا دليل عليه (بصورة عامة) وعرفت قيام الدليل على عدمه (بصورة خاصة) في بعض العلوم ،
__________________
ـ ثم الممكن إلى الجوهر والمقولات العرضية ، ثم الجوهر إلى عقل ونفس وجسم ، ثم العرض كل مقولة منه. إلى أنواع ، والكل من مطالب ذلك العلم ومن لواحقه الذاتيّة ، مع ان ما عدا تقسيم الأول ، يتوقف على تخصص الموضوع بخصوصية أو خصوصيات ، إلا ان جميع تلك الخصوصيات مجعولة بجعل واحد وموجودة بوجود فارد ، فليس هنا سبق في الوجود لواحد بالإضافة إلى الآخر ، كي يتوقف لحوق الآخر على سبق استعداد وتهيؤ للموضوع بلحوق ذلك الواحد المفروض تقدمه رتبة ، فان الموجود لا يكون ممكنا أولا ثم يوجد له وصف الجوهرية أو العرضية ، بل إمكانه بعين جوهريته وعرضيته ، كما ان جوهريته بعين العقلية أو النفسيّة أو الجسمية ، ففي الحقيقة لا واسطة في العروض والحمل الّذي هو الاتحاد في الوجود ، بل الإمكان يتحد مع الوجود بعين الاتحاد الجوهري العقلي أو النفسيّ أو الجسماني في الوجود ، فليس هناك عروضان حتى يكون أحدهما بالذات والآخر بالعرض ، بخلاف لحوق الكتابة والضحك للحيوان ، فانه يتوقف على صيرورة الحيوان متخصصاً بالنفس الإنسانية تخصصاً وجودياً حتى يعرضه الضحك والكتابة ، وليس الضحك والكتابة بالإضافة إلى الإنسان كالعقلية والنفسيّة بالإضافة إلى الجوهر ، بداهة أن إنسانية الإنسان ليست بضاحكيته وكاتبيته ، نعم تجرد النّفس وما يماثله مما يكون تحققه بتحقق نفس الإنسانية ، من الاعراض الذاتيّة للحيوان كالنفس».
ثم قال (قده) أيضا : «وهذا الجواب وإن كان أجود ما في الباب ، إلا أنه وجيه بالنسبة إلى علم المعقول ، وفي تطبيقه على سائر الموضوعات للعلوم ، لا يخلو عن تكلف ، فان موضوع علم الفقه هو فعل المكلف ، وموضوعات مسائله الصلاة والصوم والحج ، إلى غير ذلك ، وهذه العناوين نسبتها إلى موضوع العلم كنسبة الأنواع إلى الجنس ، وهي وان كانت لواحق ذاتية له إلا انه لا يبحث عن ثبوتها ، والحكم الشرعي ليس بالإضافة إليها كالعقلية بالإضافة إلى الجوهرية ، بل هما موجودان متباينان وكذا الأمر في النحو والصرف».